نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ نا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي بِشْرٍ - هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَنْبَرِيُّ - عَنْ ابْنِ الثَّلْبِ عَنْ أَبِيهِ " رَجُلًا أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فَهَذَا عَنْ ابْنِ الثَّلْبِ - وَهُوَ مَجْهُولٌ.
وَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِتْقِ نَصِيبِهِ وَبَيْنَ بَيْعِ نَصِيبِهِ.
قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنَّ السُّنَّةَ أَوْلَى أَنْ تُتَّبَعَ، وَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ، قَالَ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] .
وَقَدْ حَكَمْتُمْ بِالْعَاقِلَةِ وَلَمْ تُبْطِلُوهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ.
وَحَكَمْتُمْ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ تَقُولُوا: كُلُّ أَحَدٍ أَمْلَكُ بِحَقِّهِ.
وَقَالُوا: لَوْ ابْتَدَأَ عِتْقُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لَمْ يَنْفُذْ، فَكَذَلِكَ، بَلْ أَحْرَى أَنْ لَا يَنْفُذَ إذَا لَمْ يَعْتِقْهُ، لَكِنْ أَعْتَقَ نَصِيبَ نَفْسِهِ، وَقَدْ جَاءَ لَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ.
فَقُلْنَا: هَذَا كُلُّهُ كَمَا ذَكَرْتُمْ، وَكُلُّهُ لَا يُعَارَضُ بِهِ النَّصُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تُضْرَبُ السُّنَنُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.
وَقَالُوا: لَوْ أَعْتَقَا مَعًا لَجَازَ، فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ أَمْلَكُ بِحَقِّهِ؟
قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُشْبِهٍ لِعِتْقِهِ بَعْدَ عِتْقِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَعَ عِتْقِ شَرِيكِهِ مَعًا، وَأَنْ يَهَبَ، وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ بَعْضِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَبِيعَ بَعْدَ عِتْقِ شَرِيكِهِ، وَلَا أَنْ يَهَبَ، وَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَكُلُّ هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُشْغَبَ بِهِ لَوْ لَمْ تَأْتِ السُّنَّةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَأَمَّا وَقَدْ جَاءَ مَا يَخُصُّ هَذَا كُلَّهُ فَلَا يَحِلُّ خِلَافُ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مِمَّا تَنَاقَضَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، فَخَالَفُوا صَاحِبًا لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ، وَخَالَفُوا أَثَرَيْنِ مُرْسَلَيْنِ، وَهُمْ يَقُولُونَ بِالْمُرْسَلِ، وَخَالَفُوا الْقِيَاسَ.
فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ: فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ أَصْلًا.
وَأَمَّا مَالِكٌ: فَتَعَلَّقَ بِحَدِيثٍ نَاقِصٍ عَنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ جَاءَ غَيْرُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ
وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ فِي تَخْصِيصِهِ الْجَارِيَةَ الرَّائِعَةَ، فَقَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ أَصْلًا