وَهَلَّا قَاسُوا بِهِ غَيْرَ السَّائِمَةِ فِي الزَّكَاةِ عَلَى السَّائِمَةِ؟ وَهَلَّا قَاسُوا غَيْرَ السَّارِقِ عَلَى السَّارِقِ، وَغَيْرَ الْقَاتِلِ عَلَى الْقَاتِلِ؟ وَهَذِهِ حَمَاقَةٌ لَا نَظِيرَ لَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَذْكُرْ فِي الْآيَةِ إلَّا مَنْ فِيهِ خَيْرٌ، وَبَقِيَ حُكْمُ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، فَأَجَزْنَا كِتَابَتَهُ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْكِتَابَةِ جُمْلَةً؟ فَقُلْنَا لَهُمْ: فَأَبِيحُوا بِمِثْلِ هَذَا الدَّلِيلِ أَكْلَ كُلِّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: ٦٠] وَهَذَا بَاطِلٌ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» . وَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تُجِيزُوا كِتَابَةَ الْمَجْنُونِ، وَالصَّغِيرِ: بِعُمُومِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ. وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُكَاتَبًا إلَّا مَنْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى مُكَاتَبَتَهُ أَوْ أَمَرَ بِهَا. وَأَيْضًا: فَلَمْ يَأْتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَثَرٌ قَطُّ فِي الْمُكَاتَبِ إلَّا وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّهُ مُسْلِمٌ - وَأَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمُكَاتَبَةِ وَبِكُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ فَرْضٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ اللَّهُ تَعَالَى: افْعَلْ أَمْرًا كَذَا، فَيَقُولُ هُوَ: لَا أَفْعَلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ تَعَالَى: إنْ شِئْت فَافْعَلْ وَإِلَّا فَلَا.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا غُنْدَرٌ نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ سِيرِينَ سَأَلَهُ الْمُكَاتَبَةَ؟ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَاَللَّهِ لَتُكَاتِبْنَهُ، وَتَنَاوَلَهُ بِالدِّرَّةِ، فَكَاتَبَهُ. وَبِهِ إلَى عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ نا ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إذَا عَلِمْت لَهُ مَالًا أَنْ أُكَاتِبَهُ؟ قَالَ: مَا أَرَاهُ إلَّا وَاجِبًا، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ لِي أَيْضًا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سِيرِينَ أَبَا مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْكِتَابَةَ؟ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَاسْتَأْذَنَهُ فَقَالَ عُمَرُ لِأَنَسٍ: كَاتِبْهُ؟ فَأَبَى، فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: كَاتِبْهُ، وَيَتْلُو {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] فَكَاتَبَهُ أَنَسٌ. وَبِهِ إلَى ابْنِ الْمَدِينِيِّ نا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ نا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَبْدٍ كَانَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ: أَنَّهُ اسْتَعَانَ بِالزُّبَيْرِ فَدَخَلَ مَعَهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute