للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالضُّعَفَاءِ، فَلَاحَ يَقِينًا أَنَّهُ إجْمَاعٌ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، إذْ لَا يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُظَنَّ بِصَاحِبٍ خِلَافُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي أَكَّدَ فِيهِ هَذَا التَّأْكِيدَ.

وَهَذَا هُوَ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ لَا إعْطَاءُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ صَدَقَةً فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَلَا جَلْدُ عُمَرَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً زَائِدَةً عَلَى سَبِيلِ التَّعْزِيرِ فِي الْخَمْرِ قَدْ صَحَّ عَنْهُ خِلَافُهَا، وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ. وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَى أَنْ يُوجِدُونَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ الْمَنْعَ مِنْ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَّا تِلْكَ الْقَوْلَةَ الْخَامِلَةَ الَّتِي لَا نَعْلَمُ لَهَا سَنَدًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَبَلَّحُوا عِنْدَ هَذِهِ، فَقَالَتْ مِنْهُمْ عُصْبَةٌ: إنَّمَا بِيعَتْ كِتَابَتُهَا. فَقُلْنَا: كَذَبْتُمْ كَذِبًا مُفْتَعَلًا لِلْوَقْتِ، وَفِي الْخَبَرِ تَكْذِيبُكُمْ بِأَنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ اشْتَرَتْهَا وَأَعْتَقَتْهَا، وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا عَجَزَتْ؟ فَقُلْنَا: كَذَبْتُمْ كَذِبًا مُفْتَعَلًا مِنْ وَقْتِهِ، وَفِي الْخَبَرِ: أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَالْعَبَّاسُ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بِهَا، وَأَنَّ الْكِتَابَةَ كَانَتْ لِتِسْعِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ أُوقِيَّةٌ، وَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بَعْدُ أَدَّتْ شَيْئًا.

وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ فِي أَنَّ الْعَبَّاسَ، وَعَبْدَ اللَّهِ لَمْ يَدْخُلَا الْمَدِينَةَ وَلَا سَكَنَاهَا، إلَّا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَمْ يَعِشْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُذْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ إلَّا عَامَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَأَيْنَ عَجْزُهَا وَأَيْنَ حُلُولُ نُجُومِهَا؟ تَبَارَكَ اللَّهُ مَا أَسْهَلَ الْكَذِبَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فِي الدِّينِ. نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْبَلَاءِ؟

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ: غُلَامٌ كَاتَبْتَهُ فَبِعْته رَقَبَةً أَوْ كَاتَبْته فَعَجَزَ؟ قَالَ عَطَاءٌ: هُوَ عَبْدٌ لِلَّذِي ابْتَاعَهُ. وَقَالَهُ أَيْضًا: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قُلْت لِعَطَاءٍ: فَقَضَى كِتَابَتَهُ فَعَتَقَ؟ قَالَ عَطَاءٌ: هُوَ مَوْلَى لِلَّذِي ابْتَاعَهُ؟ قُلْت لِعَطَاءٍ: كَيْفَ وَالْكِتَابَةُ عِتْقٌ؟ قَالَ عَطَاءٌ: كَلًّا، لَيْسَتْ عِتْقًا، إنَّمَا يُقَالُ فِي الْمُكَاتَبِ يُورَثُ فَلَا يَبِيعُهُ الَّذِي وَرِثَهُ إلَّا بِإِذْنِ عَصَبَةِ الَّذِي كَاتَبَهُ. وَقَالَهُ أَيْضًا: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَذِنَ لِي فِي بَيْعِهِ إخْوَتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>