للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَنُو أَبِي وَلَمْ يَأْذَنْ بَنُو جَدِّيّ؟ قَالَ عَطَاءٌ: حَسْبُك أَنْ يَأْذَنَ لَك وَارِثُهُ مِنْ عَصَبَتِهِ يَوْمَئِذٍ، قَالَ عَطَاءٌ: وَأَمَّا مُكَاتَبٌ أَنْتَ كَاتَبْته فَبِعْته رَقَبَةً وَاَلَّذِي عَلَيْهِ: فَلَا تَسْتَأْذِنْ فِيهِ أَحَدًا، فَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ لِلَّذِي ابْتَاعَهُ، وَإِنْ عَتَقَ فَهُوَ مَوْلَى الَّذِي ابْتَاعَهُ. فَهَذَا عَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: يُجِيزَانِ بَيْعَ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ بِلَا عَجْزٍ، وَلَمْ يُخَالِفْهُمَا ابْنُ جُرَيْجٍ. وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ إجَازَةِ بَعْضِهِمْ بَيْعَ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ - وَهُوَ حَرَامٌ - لِأَنَّهُ بَيْعُ غَرَرٍ، وَمَنَعُوا مِنْ بَيْعِ رَقَبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ - وَهُوَ حَلَالٌ طَلْقٌ -. ثُمَّ قَالُوا: إنْ أَدَّى فَعَتَقَ فَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِ كِتَابَتِهِ، وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ رَقِيقٌ لِلْمُشْتَرِي كِتَابَتُهُ - وَهَذَا تَخْلِيطٌ لَا نَظِيرَ لَهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، لَا بَيْعٌ وَتَمْلِيكٌ لِلرَّقَبَةِ لِمَنْ لَمْ يَشْتَرِهَا - وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ.

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي مَنْعِ بَيْعِهِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ تَعْجِيزَهُ إنْ عَجَزَ، وَإِبْطَالَ كِتَابَتِهِ، وَنَسَوْا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] . فَقَالُوا: الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ؟ فَقُلْنَا: فَأَجِيزُوا شَرْطَهُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ وَطِئَهَا، كَمَا فَعَلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ، فَقَالُوا: هَذَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ فَقُلْنَا: وَالتَّعْجِيزُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فَرْقَ. ثُمَّ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيمَنْ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِتْقَ غُلَامِهِ هَذَا - إنْ أَفَاقَ أَبُوهُ أَوْ قَدِمَ غَائِبُهُ - فَإِنَّ لَهُ بَيْعَهُ مَا لَمْ يَقْدَمْ الْغَائِبُ، وَمَا لَمْ يُفِقْ الْأَبُ فَهَلَّا مَنَعُوا مِنْ هَذَا بِ {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] . فَإِنْ قَالُوا: قَدْ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ بِمَوْتِ الْأَبِ الْمَرِيضِ، وَالْغَائِبِ؟ قُلْنَا: وَقَدْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُكَاتَبُ الْعِتْقَ عِنْدَكُمْ بِالْعَجْزِ وَلَا فَرْقَ، فَكَيْفَ وَلَيْسَ قَوْله تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] مَانِعًا مِنْ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَانِعٌ مِنْ أَنْ يُبْطِلَ عَقْدَهُ قَاصِدًا إلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ، فَقَطْ.

وَأَمَّا وَطْءُ الْمُكَاتَبَةِ: فَإِنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ وَاشْتَرَطَ أَنْ يَغْشَاهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ مُكَاتَبَتَهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ - وَبِهِ يَقُولُ أَبُو ثَوْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>