وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِآخَرَ بِدَرَاهِمَ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِثَلَاثَةٍ، لَا بِدِرْهَمَيْنِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] قَالَ: وَالْحُكْمُ فِي الْأُخْتِ، وَالْأَخِ هَكَذَا، فَصَحَّ أَنَّ الْأَخَ وَالْأُخْتَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] كَذَلِكَ أَيْضًا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا الْآيَتَانِ فَحَقٌّ، وَأَمَّا هَذَا الِاسْتِدْلَال فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] وَهَذَا جَلِيٌّ مِنْ النَّصِّ فِي حُكْمِ الْأَخِ، وَالْأُخْتِ فَقَطْ.
فَإِنْ أَوْجَدْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فِي حَجْبِ الْأُمِّ فَهُوَ قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مُبْطَلٌ مُدَّعًى بِلَا بُرْهَانٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَجَدْنَا كُلَّ مَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ حُكْمُ الْفَرْضِ فِيمَا بَعْدَ الْوَاحِدِ يَسْتَوِي فِيهِ الِاثْنَانِ، مَا زَادَ عَلَيْهِمَا كَالْبِنْتَيْنِ مِيرَاثُهُمَا كَمِيرَاثِ الثَّلَاثِ، وَكَالْأُخْتَيْنِ مِيرَاثُهُمَا كَمِيرَاثِ الثَّلَاثِ، وَكَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ إنَّمَا هُوَ الثُّلُثُ لِلِاثْنَيْنِ كَمَا هُوَ لِلثَّلَاثِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَجْبُ الْأُمِّ بِالِاثْنَيْنِ كَحَجْبِهَا بِالثَّلَاثِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: فَقُلْنَا: مَا وَجَبَ هَذَا قَطُّ كَمَا تَقُولُ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ مِنْك لَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَكُلُّ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَحَقٌّ، وَكُلُّ مَا قُلْت أَنْتَ مِمَّا لَمْ يَقُلْهُ عَزَّ وَجَلَّ فَكَذِبٌ، وَبَاطِلٌ، فَهَاتِ بُرْهَانًا عَلَى صِحَّةِ تَشْبِيهِك هَذَا؟ وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ وَجَبَ لِلْأُمِّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ: الثُّلُثُ وَلَمْ يَحُطَّهَا اللَّهُ تَعَالَى إلَى السُّدُسِ إلَّا بِوَلَدٍ لِلْمَيِّتِ، أَوْ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ إخْوَةٌ فَلَا يَجُوزُ مَنْعُهَا مِمَّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا، إلَّا بِيَقِينٍ مِنْ سُنَّةٍ وَارِدَةٍ؟ وَلَا سُنَّةَ فِي ذَلِكَ وَلَا إجْمَاعَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
١٧١٦ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ زَوْجَةً وَأَبَوَيْنِ، أَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأَبَوَيْنِ: فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَامِلًا - وَلِلْأَبِ مِنْ ابْنَتِهِ السُّدُسُ، وَمِنْ ابْنِهِ الثُّلُثُ، وَرُبُعُ الثُّلُثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute