للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَقْوَى، وَهَكَذَا حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ، فَوَجَبَ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ لِصِحَّتِهَا، وَأَنْ يَسْتَسْعِيَ الْمُعْتَقُونَ فِي حِصَصِ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ هُمْ شُرَكَاءُ الْمُوصِي حِينَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُعْتِقُوا حِصَصَهُمْ.

وَكَانَ الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ مُبْطِلًا عَاصِيًا، مُخَالِفًا لِلْحَقِّ إنْ كَانَ عَالِمًا، أَوْ مُخْطِئًا مُخَالِفًا لِلْحَقِّ فَقَطْ، مَعْفُوًّا عَنْهُ إنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ، وَالْبَاطِلُ عُدْوَانٌ فَقَطْ، أَوْ إثْمٌ وَعُدْوَانٌ سَاقِطٌ لَا يَحِلُّ إنْفَاذُهُ - قَالَ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]

فَوَجَبَ إبْطَالُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَمَا ذَكَرْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا إذَا أَجْمَلَ فِي وَصِيَّتِهِ عِتْقَهُمْ، أَوْ أَجْمَلَ عِتْقَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي وَصِيَّتِهِ، فَبِالضَّرُورَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ يَدْرِي كُلُّ مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَلَطَ الْوَصِيَّةَ بِعِتْقِ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِعِتْقِهِ، مَعَ الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِعِتْقِهِ، وَلَا يَدْرِي غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَيُّهُمْ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِتْقِ، وَأَيُّهُمْ لَا، فَصَارُوا جُمْلَةً فِيهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي أَحْرَارٍ، أَوْ فِي حُرٍّ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَفِيهَا حَقٌّ لِلْوَرَثَةِ فِي رَقِيقٍ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْقِسْمَةِ لِيُمَيَّزَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَقِّ الْوَرَثَةِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَلَا سَبِيلَ إلَى تَمْيِيزِ الْحُقُوقِ وَالْأَنْصِبَاءِ فِي الْقِسْمَةِ إلَّا بِالْقُرْعَةِ؛ فَوَجَبَ الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمْ، فَأَيُّهُمْ خَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُ الْعِتْقِ عَلِمْنَا أَنَّهُ الَّذِي اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ بِمَوْتِ الْمُوصِي، وَأَنَّهُ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ - مَاتَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ أَوْ لَمْ يَمُتْ - وَأَيُّهُمْ خَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُ الرِّقِّ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُوصِ فِيهِ الْمُوصِي وَصِيَّةً جَائِزَةً، وَأَنَّهُ هُوَ حَقُّ الْوَرَثَةِ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ قَدْ مَلَكُوهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي - مَاتَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ أَوْ لَمْ يَمُتْ.

فَإِنْ شَرَعَ الْعِتْقُ فِي مَمْلُوكٍ أُعْتِقَ وَاسْتَسْعَى فِيمَا زَادَ مِنْهُ عَلَى مَا عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ شُرَكَاءُ الْمُوصِي فِيهِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَا أَوْصَى فِيهِ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ مَتَاعٍ.

وَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِ حَقِّ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِتَعْدِيلِ الْقِيمَةِ وَالْقُرْعَةِ، وَقَدْ جَاءَ أَيْضًا فِي هَذَا أَثَرٌ صَحِيحٌ، يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَا، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ لَكَانَ الْحُكْمُ مَا وَصَفْنَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوبِ تَمْيِيزِ حَقِّ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَقِّ الْوَرَثَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - وَابْنُ أَبِي عُمَرَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>