للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضٌ وَأَمَّا الْكُدْرَةُ فَهِيَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ قَبْلَ الْحَيْضِ لَيْسَتْ حَيْضًا، وَأَمَّا بَعْدَ الْحَيْضِ فَهِيَ حَيْضٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضًا، عَلَى عَظِيمِ اضْطِرَابِهِمْ فِي الدَّمِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الدَّمَ قَبْلَ أَيَّامِ حَيْضِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ وَانْقَطَعَ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا أَوْ اتَّصَلَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْهَا فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا وَلَا تَمْتَنِعُ بِذَلِكَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْوَطْءِ، إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ، وَيَتَّصِلَ كَذَلِكَ فَهُوَ حَيْضٌ مُتَّصِلٌ.

قَالَ: فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ أَيَّامِ حَيْضِهَا بِيَوْمَيْنِ فَأَقَلَّ وَاتَّصَلَ بِهَا فِي أَيَّامِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَهُوَ كُلُّهُ حَيْضٌ، مَا لَمْ تُجَاوِزْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، قَالَ: فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ أَيَّامِ حَيْضِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا وَفِي أَيَّامِ الْحَيْضِ مُتَّصِلًا بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، فَمَرَّةً قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ حَيْضٌ، وَمَرَّةً قَالَ: أَمَّا مَا رَأَتْ قَبْلَ أَيَّامِهَا فَلَيْسَ حَيْضًا، وَأَمَّا مَا رَأَتْ فِي أَيَّامِهَا فَهُوَ حَيْضٌ، وَهَذِهِ تَخَالِيطُ نَاهِيكَ بِهَا وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ لَيْسَتَا حَيْضًا، وَفِي أَيَّامِ الْحَيْضِ قَبْلَ الدَّمِ لَيْسَتَا حَيْضًا، وَأَمَّا بَعْدَ الدَّمِ مُتَّصِلًا بِهِ فَهُمَا حَيْضٌ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِأَنْ قَالُوا: مَا لَمْ يُتَيَقَّنْ الْحَيْضُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ الْمُتَيَقَّنَ وُجُوبُهُمَا، وَلَا أَنْ تُمْنَعَ مِنْ الْوَطْءِ الْمُتَيَقَّنِ تَحْلِيلُهُ حَتَّى إذَا تُيُقِّنَ الْحَيْضُ وَحَرُمَتْ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْوَطْءُ بِيَقِينٍ لَمْ يَسْقُطْ تَحْرِيمُ ذَلِكَ إلَّا بِيَقِينٍ آخَرَ.

قَالَ عَلِيٌّ وَهَذَا عَمَلٌ غَيْرُ صَحِيحِ الْبَيَانِ، بَلْ هُوَ مُمَوَّهٌ، وَذَلِكَ أَنَّ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ حَقٌّ، إلَّا أَنَّ الْيَقِينَ الَّذِي ذَكَرُوا هُوَ النَّصُّ، وَقَدْ صَحَّ النَّصُّ، بِأَنَّ مَا عَدَا الدَّمَ الْأَسْوَدَ لَيْسَ حَيْضًا، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا مِنْ صَوْمٍ وَلَا مِنْ وَطْءٍ، فَصَارَتْ حُجَّتُهُمْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، وَأَيْضًا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَهُنَا هَذَا النَّصُّ لَمَا وَجَبَ مَا قَالُوهُ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فَرْضَانِ قَدْ تُيُقِّنَ وُجُوبُهُمَا، وَالْوَطْءُ حَقٌّ قَدْ تُيُقِّنَتْ إبَاحَتُهُ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ الْمُبَاحَةِ، وَالْحَيْضُ قَدْ تُيُقِّنَ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ بِهِ كُلُّ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ عَلَى شَيْءٍ بِأَنَّهُ حَيْضٌ مُحَرِّمٌ لِلصَّلَاةِ وَلِلصَّوْمِ وَلِلْوَطْءِ إلَّا بِنَصٍّ وَارِدٍ أَوْ بِإِجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ، وَأَمَّا بِدَعْوَى مُخْتَلَفٍ فِيهَا فَلَا، فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَلَا نَصَّ وَلَا إجْمَاعَ وَلَا لُغَةَ فِي أَنَّ مَا عَدَا الدَّمَ الْأَسْوَدَ حَيْضٌ أَصْلًا.

وَقَدْ صَحَّ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ وَاللُّغَةُ عَلَى أَنَّ الدَّمَ الْأَسْوَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>