للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِّي، فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَقُلْتُ: إنَّهَا كَاذِبَةٌ، فَقَالَ: كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا؟ دَعْهَا عَنْكَ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَنَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْرِيمٌ، وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحُذَافِيِّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: نا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ إلَى أَهْلِ ثَلَاثَةِ أَبْيَاتٍ تَنَاكَحُوا فَقَالَتْ: هُمْ بَنِيَّ وَبَنَاتِي، فَفَرَّقَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَهُمْ.

وَرُوِّينَا عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فَالنَّاسُ يَأْخُذُونَ الْيَوْمَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ فِي الْمُرْضِعَاتِ إذَا لَمْ يُتَّهَمْنَ.

وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الرَّضَاعِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الطَّلَاقِ، وَلَا فِي النِّكَاحِ، وَلَا فِي الْحُدُودِ: فَبَلِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ - وَهُوَ هَالِكٌ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ " لَوْ فَتَحْنَا هَذَا الْبَابَ لَمْ تَشَأْ امْرَأَةٌ أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ إلَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ " فَهُوَ عَنْ الْحَارِثِ الْغَنَوِيِّ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - أَنَّ عُمَرَ.

وَأَيْضًا - فَإِنَّ هَذَا كَلَامٌ بَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ قَوْلُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَنْ لَا يَشَاءَ رَجُلَانِ قَتْلَ رَجُلٍ وَإِعْطَاءَ مَالِهِ لِآخَرَ، وَتَفْرِيقَ امْرَأَتِهِ عَنْهُ إلَّا قَدَرَا عَلَى ذَلِكَ، بِأَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ.

وَبِضَرُورَةِ الْعَقْلِ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَبَيْنَ رَجُلٍ، وَبَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَبَيْنَ امْرَأَتَيْنِ، وَبَيْنَ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ، وَبَيْنَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، فِي جَوَازِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ وَالتَّوَاطُؤِ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْغَفْلَةُ - وَلَوْ حِينًا - إلَى هَذَا، لَكِنَّ النَّفْسَ أَطْيَبُ عَلَى شَهَادَةِ ثَمَانِي نِسْوَةٍ مِنْهَا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>