وَهَذَا كُلُّهُ لَا مَعْنَى لَهُ، إنَّمَا هُوَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَلَا مَزِيدَ.
وَأَمَّا مَنْ احْتَجَّ بِتَخْصِيصِ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ الرِّجَالُ فَبَاطِلٌ، وَمَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ مِنْ النَّظَرِ إلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ إلَّا كَاَلَّذِي يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ الشَّهَادَةِ أَوْ الضَّرُورَةِ، كَنَظَرِهِمْ إلَى عَوْرَةِ الزَّانِيَيْنِ، وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ: فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ أَخْبَرَنِي ضَمْرَةُ: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ لِلْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» وَقَضَى بِهَا عَلِيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ.
وَمِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَضَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَأَحْلَفَهُ مَعَ شَاهِدِهِ.
وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَعَنْ شُرَيْحٍ.
وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ: مِنْهُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَيَحْيَى بْنُ مَعْمَرٍ، وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ، وَغَيْرُهُمْ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَقْضِيَانِ بِذَلِكَ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ.
وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ؛ وَيَقْضِي بِهِ مَالِكٌ أَيْضًا فِي الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَلَا يَقْضِي بِهِ فِي الْعِتْقِ، وَالشَّافِعِيُّ يَقْضِي بِهِ فِي الْعِتْقِ.
وَرُوِّينَا إنْكَارَ الْحَكَمِ بِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ: هُوَ بِدْعَةُ مَا أَحْدَثَهُ النَّاسُ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ مُعَاوِيَةُ وَقَالَ عَطَاءٌ: أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَأَشَارَ إلَى إنْكَارِهِ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الرُّجُوعُ إلَى تَرْكِ الْقَضَاءِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ أَهْلَ الشَّامِ عَلَى خِلَافِهِ، وَمَنَعَ مِنْهُ: ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ ذَكَرْنَا بُطْلَانَ التَّعَلُّقِ فِي رَدِّ هَذَا الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ بِالتَّعَلُّقِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] .