وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا.
وَكَذَلِكَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» وَسَائِرُ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ فِي مَنْعِ الْحُكْمِ بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ أَهْذَارٌ، وَالْعَجَبُ اعْتِرَاضُهُمْ فِي هَذَا بِقَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِذَلِكَ مُعَاوِيَةُ، وَهُمْ قَدْ أَخَذُوا بِقِيمَةٍ أَحْدَثَهَا مُعَاوِيَةُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَلَا يَصِحُّ فِيهَا أَثَرٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا جَمِيعًا: نا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ» -: نا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ نا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ نا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُنْقِرِيُّ نا مُسَدَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالُوا كُلُّهُمْ: نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» .
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا أَبُو الْمُصْعَبِ نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ ابْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» .
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَزَادَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي هَذَا الْخَبَرِ قَالَ: أَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ قَالَ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ - وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدِي - أَنِّي حَدَّثْتُهُ إيَّاهُ وَلَا أَحْفَظُهُ، قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَقَدْ كَانَتْ أَصَابَتْ سُهَيْلًا عِلَّةٌ أَذْهَبَتْ بَعْضَ عَقْلِهِ وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيثِهِ، فَكَانَ سُهَيْلٌ بَعْدُ يُحَدِّثُهُ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ لَا يَحِلُّ التَّرْكُ لَهَا، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِذَلِكَ فِي الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ، وَالْأَمْوَالِ، حَاشَا الْحُدُودَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُمُومُ الْأَخْبَارِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ مَنْعٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْحُدُودُ: فَلَا طَالِبَ لَهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا حَقَّ لِلْمَقْذُوفِ فِي إثْبَاتِهَا، وَلَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute