للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَضَاءَ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، إلَّا فِي الْحُدُودِ خَاصَّةً.

وَقَالَ اللَّيْثُ: لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الطَّالِبُ شَاهِدًا وَاحِدًا فِي حُقُوقِ النَّاسِ خَاصَّةً، فَيَحْكُمُ الْقَاضِي حِينَئِذٍ بِعِلْمِهِ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: كُلُّ مَا عَلِمَ قَبْلَ وِلَايَتِهِ لَمْ يَحْكُمْ فِيهِ بِعِلْمِهِ، وَمَا عَلِمَ بَعْدَ وِلَايَتِهِ حَكَمَ فِيهِ بِعِلْمِهِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ، وَذَلِكَ فِي حُقُوقِ النَّاسِ - وَأَمَّا الزِّنَا: فَإِنْ شَهِدَ بِهِ ثَلَاثَةٌ وَالْقَاضِي يَعْرِفُ صِحَّةَ ذَلِكَ حَكَمَ فِيهِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ مَعَ عِلْمِهِ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيِّ: إنْ أَقَامَ الْمَقْذُوفُ شَاهِدًا وَاحِدًا عَدْلًا وَعَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ حَدَّ الْقَاذِفَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ كَمَا قُلْنَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَنَظَرْنَا فِيمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا عَلِمَ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَمَا عَلِمَ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَوَجَدْنَاهُ قَوْلًا لَا يُؤَيِّدُهُ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ، وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا أَحَدٌ قَالَهُ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِلَا شَكٍّ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا اُعْتُرِفَ بِهِ فِي مَجْلِسِهِ وَبَيْنَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا عَلِمَهُ، فَوَجَدْنَاهُ أَيْضًا كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّمَا جَلَسَ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُ.

قُلْنَا: صَدَقْتُمْ، وَقَدْ صَحَّ عِنْدَهُ كُلُّ مَا عَلِمَ قَبْلَ وِلَايَتِهِ، وَفِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا شَهِدَ بِهِ عِنْدَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ عِنْدَهُ أَحَدٌ -: فَوَجَدْنَاهُ أَيْضًا كَالْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، لِأَنَّهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ إنَّمَا حَكَمَ بِعِلْمِهِ فَقَطْ - وَهُوَ قَوْلُنَا -.

وَأَمَّا حَاكِمٌ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِثَلَاثَةٍ فِي الزِّنَى، فَهَذَا لَا يَجُوزُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>