للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بِالْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَسَاقِطَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَنْ حَسَنٍ صَاحِبِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ - وَلَا يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُوَ.

وَالرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَاطِلٌ، لِأَنَّهَا عَنْ دَاوُد بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ - وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ، كَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: إذَا رَأَى اخْتِلَاطَهُ لَا تَمُوتُ حَتَّى تَكُونَ فِي رَأْسِك ثَلَاثُ كَيَّاتٍ، قَالَ الرَّاوِي: فَمَا مَاتَ حَتَّى كُوِيَ فِي رَأْسِهِ ثَلَاثَ كَيَّاتٍ.

ثُمَّ هِيَ مُرْسَلَةٌ، لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ قَطُّ حَدِيثًا.

وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ هَذَا الْفَاسِدِ بِخَبَرَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ -:

أَحَدُهُمَا - عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ ابْنِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا صَدَاقَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» .

وَالْآخَرُ - عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَلَبِيِّ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا مَهْرَ دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» .

وَقَالُوا: النِّكَاحُ اسْتِبَاحَةُ فَرْجٍ - وَهُوَ عُضْوٌ مِنْهَا - فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا بِمَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ - وَقَدْ احْتَجَّ الْمَالِكِيُّونَ بِهَذِهِ التَّشْعِيبَةِ السَّاقِطَةِ أَيْضًا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ لَهُمْ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا، وَالْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ مَكْذُوبَانِ بِلَا شَكٍّ - أَحَدُهُمَا: مِنْ طَرِيقِ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ - وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ - لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ - وَالْآخَرُ: مِنْ طَرِيقِ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَلَبِيِّ - وَهُوَ كَذَّابٌ مَشْهُورٌ بِوَضْعِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ - وَهُوَ سَاقِطٌ - وَلَوْ صَحَّ لَكَانُوا قَدْ خَالَفُوهُ، لِأَنَّهُمْ يُجِيزُونَ النِّكَاحَ عَلَى دِينَارٍ لَا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.

فَبَطَلَ كُلُّ ذَلِكَ - وَالْحَمْدُ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ قِيَاسٌ عَلَى قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ؟ فَهُوَ أَسْخَفُ قِيَاسٍ فِي الْعَالَمِ، لِأَنَّهُ لَا شَبَهَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسَّرِقَةِ - وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْيَدَ تُقْطَعُ أَلْبَتَّةَ وَالْفَرْجَ لَا يُقْطَعُ، وَالنِّكَاحَ طَاعَةٌ، وَالسَّرِقَةَ مَعْصِيَةٌ، وَلَوْ قَاسُوا إبَاحَةَ الْفَرْجِ عَلَى إبَاحَةِ الظَّهْرِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ، لَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>