وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» وَلَا عَظِيمَ أَعْظَمُ مِنْ اتِّقَاءِ النَّارِ.
وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي بِيَمِينٍ آثِمَةٍ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» ثُمَّ أَغْرَبُ شَيْءٍ مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ أَنَّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَثِيرٌ، وَأَنَّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ غَيْرُ حَبَّةٍ قَلِيلٌ؟
وَتَخْلِيطُ هَذِهِ الطَّوَائِفِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهُ إلَّا مُحْصِي أَنْفَاسِهِمْ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِذْ قَدْ ظَهَرَ بُطْلَانُ أَقْوَالِهِمْ لَا سِيَّمَا قَوْلُ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ لَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ.
وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ، فَلْنُورِدْ الْبُرْهَانَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا -: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٢٥] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] .
فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَيْءٍ مِنْ كِتَابِهِ الصَّدَاقَ فَجَعَلَ فِيهِ حَدًّا بَلْ أَجْمَلَهُ إجْمَالًا: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: ٥١] أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ لِلصَّدَاقِ حَدًّا لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْهُ لَمَا أَهْمَلَهُ وَلَا أَغْفَلَهُ حَتَّى يُبَيِّنَهُ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ - وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
وَالسُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ فَقَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ: زَوِّجْنِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ؟ قَالَ: هَلْ عِنْدَك شَيْءٌ تُصْدِقُهَا؟ قَالَ: مَا عِنْدِي إلَّا إزَارِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ أَعْطَيْتهَا إيَّاهُ جَلَسْت لَا إزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا؟ قَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا، قَالَ: الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ؟ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ: أَمَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute