وَفِي هَذَا خِلَافٌ مُتَأَخِّرٌ -: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَاللَّيْثُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِتْقُ الْأَمَةِ صَدَاقَهَا.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَمُحَمَّدٌ، وَمَالِكٌ: إنْ فَعَلَ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهِيَ حُرَّةٌ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا إنْ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ -: فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ: تَسْعَى لَهُ فِي قِيمَتِهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَزُفَرُ: لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا.
قَالَ عَلِيٌّ: الْبُرْهَانُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا وَبُطْلَانُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ: الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ الثَّابِتُ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى كَثِيرَةٍ -: مِنْهَا: مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثنا قُتَيْبَةُ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ ثَابِتٌ، وَقَتَادَةُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا»
قَالَ قَتَادَةُ فِي رِوَايَتِهِ: «ثُمَّ جَعَلَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَاعْتَرَضَ مَنْ خَالَفَ الْحَقَّ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ بِأَنْ قَالَ: لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهَا فَهَذَا نِكَاحٌ بِلَا صَدَاقٍ؟ .
قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا أَحْمَقُ كَلَامٍ سُمِعَ لِوُجُوهٍ:
أَوَّلُهَا - أَنَّهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا انْسِلَاخٌ مِنْ الْإِسْلَامِ.
وَالثَّانِي - أَنَّهُ اعْتِرَاضٌ مُمَوَّهٌ سَاقِطٌ، لِأَنَّنَا نَقُولُ لَهُمْ: مَا تَزَوَّجَهَا إلَّا وَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ صِحَّةِ الْعِتْقِ لَهَا، وَذَلِكَ الْعِتْقُ الَّذِي صَحَّ لَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِهِ وَهُوَ صَدَاقُهَا، قَدْ أَتَاهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute