للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيَّاهُ، وَاسْتَوْفَتْهُ - وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ أَعْطَى امْرَأَةً دَرَاهِمَ ثُمَّ خَطَبَهَا فَتَزَوَّجَهَا عَلَى تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي لَهُ عِنْدَهَا، وَهُمْ لَا يُنْكِرُونَ هَذَا.

وَالثَّالِثُ - أَنَّهُمْ لَوْ سَأَلُوا أَنْفُسَهُمْ هَذَا السُّؤَالَ فِي أَقْوَالِهِمْ الْفَاسِدَةِ لَأَصَابُوا؟ مِثْلُ تَوْرِيثِهِمْ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا فِي الْمَرَضِ؟ فَنَقُولُ لَهُمْ: لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونُوا وَرَّثْتُمُوهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ، أَوْ وَهِيَ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ لَهُ، وَلَا سَبِيلَ إلَى قَسَمٍ ثَالِثٍ -: فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ فَقَدْ كَانَ تَلَذُّذُهُ بِمُبَاشَرَتِهَا، وَنَظَرُهُ إلَى فَرْجِهَا حَلَالٌ لَهُ مَا دَامَ يَجْرِي فِيهِ الرُّوحُ، وَأَنْتُمْ تُحَرِّمُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَتْلًا قَطْعًا.

وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ زَوْجًا لَهُ، وَلَا أُمًّا لَهُ، وَلَا بِنْتًا لَهُ، وَلَا جَدَّةً لَهُ، وَلَا بِنْتَ ابْنٍ لَهُ، وَلَا أُخْتًا، وَلَا مُعْتَقَةً، وَلَا ذَاتَ رَحِمٍ، فَهَذَا عَيْنُ الظُّلْمِ، وَإِعْطَاءُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ.

فَإِنْ ادَّعَوْا اتِّبَاعَ الصَّحَابَةِ؟ قُلْنَا: نَحْنُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، وَبِوُضُوحِ الْعُذْرِ، وَبِتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْنَا، إذْ إنَّمَا اتَّبَعْنَا هَاهُنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةَ أَيْضًا، وَالتَّابِعِينَ زِيَادَةً، فَكَيْفَ وَقَدْ كَذَبْتُمْ فِي دَعَوَاكُمْ اتِّبَاعَ الصَّحَابَةِ فِي تَوْرِيثِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي الْمَرَضِ، عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِهِ؟ وَأَقْرَبُ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْ عُمَرَ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ لَمْ يُعِدَّهُ طَلَاقًا، وَفِي قَوْلِهِمْ فِي وَلَدِ الْمُسْتَحَقَّةِ: إنَّهُمْ أَحْرَارٌ وَعَلَى أَبِيهِمْ قِيمَتُهُمْ؟

فَنَقُولُ لَهُمْ: لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونُوا أَحْرَارًا أَوْ عَبِيدًا، فَإِنْ كَانُوا أَحْرَارًا فَثَمَنُ الْحُرِّ حَرَامٌ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَإِنْ كَانُوا عَبِيدًا فَبَيْعُ الْعَبِيدِ مِنْ غَيْرِ رِضَا سَيِّدِهِمْ حَرَامٌ إلَّا بِنَصٍّ - وَمِثْلُ هَذَا لَهُمْ كَثِيرٌ جِدًّا؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْعِتْقُ لَيْسَ مَالًا، فَهُوَ كَالطَّلَاقِ فِي أَنَّ الْعِتْقَ يَبْطُلُ بِهِ الرِّقُّ فَقَطْ، وَالطَّلَاقُ يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ فَقَطْ، فَلَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ طَلَاقُهَا مَهْرًا لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْعِتْقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالسَّخَافَةِ، لِأَنَّهُ قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ، لِأَنَّ قِيَاسَ أَصْلٍ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>