أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ - وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَان، وَأَصْحَابِهِمَا، وَأَصْحَابِنَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّ الْمَانِعُونَ مِنْ ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] .
وَبِمُرْسَلَيْنِ -: فِي أَحَدِهِمَا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرْت عَنْ ابْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمِّ الْحَكَمِ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ امْرَأَةٍ كَانَ زَنَى بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيَنْكِحُ الْآنَ ابْنَتَهَا؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا أَرَى ذَلِكَ وَلَا يَصْلُحُ لَكَ أَنْ تَنْكِحَ امْرَأَةً تَطَّلِعُ مِنْ ابْنَتِهَا عَلَى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْهَا» .
وَالْآخَرُ - فِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي هَانِئٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّهَا وَلَا ابْنَتُهَا» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْآيَةِ فَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا الْخَبَرَانِ - فَمُرْسَلَانِ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ، لَا سِيَّمَا وَفِي أَحَدِهِمَا: انْقِطَاعٌ آخَرُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمِّ الْحَكَمِ مَجْهُولٌ - وَفِي الْآخَرِ: الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ - وَهُوَ هَالِكٌ - عَنْ أَبِي هَانِئٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ.
وَقَدْ عَارَضَهُمَا خَبَرٌ آخَرُ - لَا نُورِدُهُ احْتِجَاجًا بِهِ، لَكِنْ مُعَارَضَةً لِلْفَاسِدِ بِمَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَحْسَنَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ دُونَهُ، وَهُوَ مَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَمَّنْ اتَّبَعَ امْرَأَةً حَرَامًا أَيَنْكِحُ ابْنَتَهَا أَوْ أُمَّهَا؟ فَقَالَ: لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ، وَإِنَّمَا يُحَرِّمُ مَا كَانَ نِكَاحًا حَلَالًا» .
وَمَوَّهُوا أَيْضًا - بِأَنْ قَالُوا: مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ، أَوْ امْرَأَتَهُ حَائِضًا، أَوْ إحْدَاهُمَا: مُحْرِمٌ، أَوْ مُعْتَكِفٌ، أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ أَمَتَهُ الْوَثَنِيَّةَ، أَوْ ذِمِّيَّةً، عَمْدًا، ذَاكِرًا، فَإِنَّهُ وَطِئَ حَرَامًا - وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرِّمٌ لِأُمِّهَا وَابْنَتِهَا، وَمُحَرِّمٌ لَهَا عَلَى آبَائِهِ، وَبَنِيهِ، فَكَذَلِكَ كُلُّ وَطْءٍ حَرَامٍ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا، بَلْ وَطِئَ فِرَاشًا حَلَالًا، وَإِنَّمَا حُرِّمَ لِعِلَّةٍ لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute