للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارْتَفَعَتْ حَلَّ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا حِلَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ إلَّا زَوْجَتَهُ، أَوْ مِلْكَ يَمِينٍ صَحِيحٍ، فَلَاحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَمَوَّهُوا أَيْضًا - بِأَنْ قَالُوا: مَنْ وَطِئَ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ - بِجَهْلٍ أَوْ بِغَيْرِهِ - فَهُوَ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، وَهُوَ يُحَرِّمُ أُمَّهَا وَابْنَتَهَا، وَيُحَرِّمُهَا عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي صِحَّتِهِ، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا حُجَّةَ فِي سِوَاهُمَا - وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّهَا حَلَالٌ لِوَلَدِهِ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَحَلَالٌ لَهُ نِكَاحُ أُمِّهَا وَابْنَتِهَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ، وَلَا مِلْكَ يَمِينٍ، وَلَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا، وَلَا ابْنَتُهَا، وَلَا تُحَرَّمُ عَلَى وَالِدِهِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حَلَائِلِ ابْنِهِ، وَلَا مِنْ نِسَائِهِ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمَا حَلَّ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَهُ مِنْهَا، وَلَتَوَارَثَا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ صَحَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ، وَإِنَّمَا تُحَرَّمُ عَلَى الِابْنِ فَقَطْ، لِأَنَّهَا مِمَّا نَكَحَ أَبُوهُ إنْ كَانَ وَطِئَهَا، وَإِلَّا فَلَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ.

وَمَوَّهُوا أَيْضًا - بِأَنْ قَالُوا: مَنْ وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَهُوَ وَطْءٌ حَرَامٌ، وَهِيَ تُحَرَّمُ بِذَلِكَ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ، وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ، بَلْ هُوَ زِنًى مَحْضٌ وَمَا وَجَدْنَا فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى: امْرَأَةً تَحِلُّ أَنْ يَتَدَاوَلَهَا رَجُلَانِ، هَذِهِ أَخْلَاقُ الْكِلَابِ، وَمِلَّةُ الشَّيْطَانِ، لَا أَخْلَاقُ النَّاسِ، وَلَا دِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا تَحْرُمُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ أُمُّهَا، وَلَا ابْنَتُهَا، وَلَا تُحَرَّمُ عَلَى ابْنِهِ إنَّمَا تُحَرَّمُ عَلَى الْأَبِ فَقَطْ، لِمَا قَدَّمْنَا -.

وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَمَوَّهُوا بِأَنْ قَالُوا: إذَا اجْتَمَعَ الْحَرَامُ وَالْحَلَالُ غُلِبَ الْحَرَامُ، فَقَوْلٌ لَا يَصِحُّ، وَلَا جَاءَ بِهِ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ قَطُّ - وَيَلْزَمُ مَنْ صَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ أَنْ يَقُولَ: إنَّ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا أَبَدًا، لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهَا حَرَامٌ وَحَلَالٌ.

وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثِ ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْحَقَهُ بِزَمْعَةَ، وَأَمَرَ سَوْدَةَ بِأَنْ تَحْتَجِبَ عَنْهُ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ رُمْنَا أَنْ نَفْهَمَ وَجْهَ احْتِجَاجِهِمْ بِهَذَا الْخَبَرِ فَمَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ، وَهِيَ شَغِيبَةٌ بَارِدَةٌ مُمَوِّهَةٌ - وَالْخَبَرُ صَحِيحٌ ظَاهِرُ الْوَجْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْحَقَهُ بِزَمْعَةَ بِظَاهِرِ وِلَادَتِهِ عَلَى فِرَاشِ زَمْعَةَ، وَأَفْتَى أُخْتَهُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِأَنْ لَا يَرَاهَا، خَوْفَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>