وَرُوِّينَاهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ - هُوَ أَشْهُرُ أَقْوَالِهِ - وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ ظَاهَرَ بِامْرَأَةٍ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا يَوْمًا وَمِنْ الدَّهْرِ فَلَيْسَ ظِهَارًا، مَنْ ظَاهَرَ بِامْرَأَةٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا قَطُّ فَهُوَ ظِهَارٌ.
وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ ظَاهَرَ بِذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ بِأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بِابْنَةٍ فَهُوَ كُلُّهُ ظِهَارٌ.
وَرُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ: لَا ظِهَارَ إلَّا بِأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ - وَهُوَ قَوْلٌ رَوَاهُ أَيْضًا - أَبُو ثَوْرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ.
وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُقَالُ لِمَنْ قَالَ: لَا ظِهَارَ إلَّا مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ: مِنْ أَيْنَ خَصَّصْتُمْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ؟ فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّهُنَّ مُحْرِمَاتٌ كَالْأُمِّ؟ قُلْنَا: وَالْأَبُ أَيْضًا مُحَرَّمٌ كَالْأُمِّ، وَجَمِيعُ الرِّجَالِ كَذَلِكَ.
فَإِنْ قَالُوا: لَيْسُوا مِنْ النِّسَاءِ، وَالْأُمُّ مِنْ النِّسَاءِ؟
قُلْنَا: وَلَا ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ أُمَّهَاتٌ، وَالْأُمُّ هِيَ الَّتِي وَلَدَتْهُ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ قِيَاسٍ وَقِيَاسٍ - وَقَالَ لِمَنْ قَالَ بِالظِّهَارِ مِنْ كُلِّ أَجْنَبِيَّةٍ، وَمِنْ الْأَبِ أَيْضًا: مِنْ أَيْنَ قِسْتُمْ الظِّهَارَ بِالْأَبِ عَلَى الظِّهَارِ بِالْأُمِّ، وَلَمْ تَقِيسُوا ظِهَارَ الْمَرْأَةِ مِنْ الرَّجُلِ عَلَى ظِهَارِ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ؟ وَقَدْ قَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ، كُلُّهُمْ أَجَلُ مِنْ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نَا هُشَيْمٌ أَنَا مُغِيرَةُ هُوَ ابْنُ مِقْسَمٍ - عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَتْ: إنْ تَزَوَّجْت مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي؟ فَسَأَلْت أَهْلَ الْمَدِينَةِ، فَرَأَوْا أَنَّ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ - قَالَ الْأَثْرَمُ: فَقُلْت لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَتُكَفِّرُ؟ قَالَ: نَعَمْ تُكَفِّرُ - فَهَذَا كَمَا يَرَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ مُصْعَبٍ - هَذَا قَدِيمٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ ظَاهَرَتْ مِنْ الْمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ إنْ تَزَوَّجَتْهُ، فَتَزَوَّجَتْهُ فَسَأَلَتْ الْفُقَهَاءَ وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ؟ فَأُمِرَتْ بِكَفَّارَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute