وَقَالَ أَصْحَابُنَا، وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَجْزِي - وَإِنَّمَا قَالَ الْمَالِكِيُّونَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى رَقَبَةِ كَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ؟ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا بَاطِلًا، لِأَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ الْكَفَّارَتَيْنِ فِي أَنْ لَا يَجْزِيَ فِيهِمَا كَافِرٌ، وَلَمْ يَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا، وَلَا قَاسُوا إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي تَعْوِيضِ الْإِطْعَامِ مِنْ الصِّيَامِ لِمَنْ عَجَزَ عَنْ الصِّيَامِ - وَهَذَا تَحَكُّمٌ لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ.
فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يُذْكَرْ تَعْوِيضُ الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، إنَّمَا ذُكِرَ فِي الظِّهَارِ؟ فَقُلْنَا: وَلَا ذُكِرَتْ الْمُؤْمِنَةُ إلَّا فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَلَمْ تُذْكَرْ فِي الظِّهَارِ، فَإِمَّا قِيسُوا كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأُخْرَى، وَإِمَّا أَنْ لَا تَقِيسُوا وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأُخْرَى.
وَأَمَّا قِيَاسُكُمْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي بَعْضِ مَا فِيهَا دُونَ سَائِرِ مَا فِيهَا - فَتَحَكُّمٌ فَاسِدٌ، وَمُنَاقَضَةٌ ظَاهِرَةٌ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الرَّقَبَةِ الْمَعِيبَةِ أَقْوَالًا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ. وَلَا نَدْرِي مَا ذَنْبُ الْمَعِيبِ عِنْدَهُمْ، فَلَمْ يُجِيزُوا عِتْقَهُ فِي وَاجِبٍ.
فَإِنْ قَالُوا: السَّالِمُ أَكْثَرُ ثَمَنًا؟ قُلْنَا: وَالْبَيْضَاءُ الْجَمِيلَةُ أَكْثَرُ ثَمَنًا مِنْ السَّوْدَاءِ الذَّمِيمَةِ، فَلَا تُجِيزُوا فِي ذَلِكَ السَّوْدَاءَ الذَّمِيمَةَ - وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ فَإِنَّمَا هِيَ آرَاءٌ فَاسِدَةٌ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ التَّحَكُّمِ فِي الدِّينِ بِمِثْلِهَا.
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ: أَنَّ عِتْقَ الْأَعْمَى يَجْزِي فِي ذَلِكَ، وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ الْأَشَلَّ يَجْزِي.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنْ ظَاهَرَ بِذَاتِ مَحْرَمٍ فَهُوَ ظِهَارٌ، وَإِنْ ظَاهَرَ بِغَيْرِ ذَاتِ مَحْرَمٍ فَلَيْسَ ظِهَارًا -: رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: مَنْ ظَاهَرَ مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ فَهُوَ ظِهَارٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ: مَنْ ظَاهَرَ بِذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ بِأُخْتٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَكُلُّ ذَلِكَ كَأُمِّهِ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِنْ ظَاهَرَ بِبِنْتِ خَالِهِ فَلَيْسَ ظِهَارًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute