للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى قَوْلِ الْحَسَنِ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَا جَمِيعًا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلْبِكْرِ ثَلَاثٌ» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مُرْسَلٌ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ - فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ

وَوَجَدْنَا مَنْ ذَهَبَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَحْتَجُّونَ بِمَا يَجِبُ مِنْ الْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ

وَبِالْخَبَرِ الثَّابِتِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ»

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الَّذِي قَالَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي حَكَمَ لِلْبِكْرِ بِسَبْعٍ زَائِدَةٍ، وَلِلثَّيِّبِ بِثَلَاثٍ زَائِدَةٍ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ قَوْلًا لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِقَوْلٍ لَهُ آخَرَ مَا دَامَ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهَا جَمِيعًا، بِأَنْ يَضُمَّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، أَوْ بِأَنْ يَسْتَثْنِيَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ، وَمَنْ تَعَدَّى هَذَا فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ الْمُخَالِفِينَ بِأَهْوَائِهِمْ الْفَاسِدَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَهُنَا يُوجِبُونَ فِي الْقِسْمَةِ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ

وَلِلزَّوْجَةِ الْأَمَةِ لَيْلَةً، وَهَذَا هُوَ الْمِيلُ حَقًّا، وَالْجَوْرُ صِرَاحًا، لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّ لِلْحُرَّةِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ لَيْلَتَيْنِ، وَلِلْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ لَيْلَةً، وَلَا يَسْتَحْيُونَ مِنْ هَذَا التَّفْضِيلِ بِالْبَاطِلِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ جَاءَ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا لَا يُعْرَفُ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ بِهِ، لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ

وَعَجَبٌ آخَرُ - وَهُوَ أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ لِمَنْ لَهُ زَوْجَةٌ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ، وَأَمَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ، أَنْ يُقَسِّمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَةً، وَلِلْمَمْلُوكَةِ الْيَهُودِيَّةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَاعْجَبُوا لِهَذِهِ الْفَضَائِحِ.

وَلَهُمْ هَهُنَا اعْتِرَاضَاتٌ تَشْهَدُ بِقِلَّةِ حَيَاءِ الْمُعْتَرِضِ بِهَا، وَرِقَّةِ دِينِهِ كَتَعَلُّقِهِمْ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي»

<<  <  ج: ص:  >  >>