للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالُوا: هَذَا حَدِيثٌ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ، وَنَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ: «وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ وَدُرْتُ»

فَاعْتَرَضُوا بِعُقُولِهِمْ الرَّكِيكَةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَّمُوهُ الْعَدْلَ وَالْحِسَابَ

وَقَالُوا: إنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي لَوْ سَبَّعَ عِنْدَهَا أَنْ يُحَاسِبَهَا بِالْأَرْبَعِ لَيَالٍ الزَّائِدَةِ عَلَى الثَّلَاثِ الَّتِي هِيَ حَقُّهَا

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا مِنْ الْحُمْقِ وَرِقَّةِ الدِّينِ فِي النِّهَايَةِ الْقُصْوَى، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ حَقٌّ لِأَحَدٍ إلَّا أَنْ يُوجِبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

فَاَلَّذِي أَوْجَبَ لَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ أَلَمُّ بِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا، هُوَ الَّذِي أَسْقَطَهَا إنْ سَبَّعَ عِنْدَهَا - لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ إلَّا كَافِرٌ - نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الضَّلَالِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ قَالُوا: فَمَا قَوْلُكُمْ إنْ أَقَامَ عِنْدَ الثَّيِّبِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَقَلَّ مِنْ سَبْعٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ، أَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْبِكْرِ أَوْ الثَّيِّبِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ - وَلَهَا ضَرَّةٌ، أَوْ ضَرَائِرُ زَوْجَاتٌ؟

قُلْنَا: نَعَمْ، أَمَّا إنْ أَقَامَ عِنْدَ الثَّيِّبِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَقَلَّ مِنْ سَبْعٍ، فَلَا يُحَاسِبُهَا إلَّا بِمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، وَأَمَّا إنْ أَقَامَ عِنْدَهَا أَوْ عِنْدَ الْبِكْرِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ، فَإِنَّهُ يُحَاسِبُ الثَّيِّبَ بِجَمِيعِ مَا أَقَامَ عِنْدَهَا، وَيُوفِي ضَرَّتَهَا أَوْ ضَرَائِرَهَا مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا يُحَاسِبُ الْبِكْرَ إلَّا بِمَا زَادَ عَلَى السَّبْعِ فَقَطْ

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ الثَّلَاثَ حَقُّ الثَّيِّبِ، وَالسَّبْعَ حَقُّ الْبِكْرِ، فَمَا زَادَ عَلَى هَذَيْنِ فَهُوَ ظُلْمٌ يُحَاسِبُهَا بِهِ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الثَّيِّبِ فِي أَنْ أَلَمَّ بِالثَّلَاثِ إلَّا حَيْثُ أَسْقَطَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسَبِّعَ لَهَا وَزَادَ عَلَى السَّبْعِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى السَّبْعِ تَسْبِيعٌ وَزِيَادَةٌ، وَقَدْ سَقَطَ حَقُّهَا فِي الثَّلَاثِ بِالتَّسْبِيعِ، فَإِذَا سَقَطَ لَمْ يَعُدْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعِ

وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ: يُقَسِّمُ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ، وَلِلزَّوْجَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَيْلَةً بِرِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ أرنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ذَرٍّ - أَوْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ - عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>