للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ: تَنْتَظِرُ الْمُسْتَحَاضَةُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، تُؤَخِّرُ الظُّهْرَ قَلِيلًا وَتُعَجِّلُ الْعَصْرَ قَلِيلًا، وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَتَغْتَسِلُ لِلصُّبْحِ غُسْلًا.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ مِثْلَ قَوْلِ عَطَاءٍ سَوَاءٌ سَوَاءٌ.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي.

فَهَؤُلَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ أُمُّ حَبِيبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، إلَّا رِوَايَةٌ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ.

وَرُوِّينَاهُ هَكَذَا مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ هَكَذَا مُبَيِّنًا، كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ.

وَمِنْ التَّابِعِينَ عَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالنَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ، كُلُّ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، فَأَيْنَ الْمُشَنِّعُونَ بِمُخَالَفَةِ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ وَتَقْلِيدَهُمْ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ عَنْ هَذَا وَمَنْعُهُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ عَلِيٌّ: فَجَاءَتْ السُّنَّةُ فِي الَّتِي تُمَيِّزُ دَمَهَا أَنَّ الْأَسْوَدَ حَيْضٌ، وَأَنَّ مَا عَدَاهُ طُهْرٌ، فَوَضَحَ أَمْرُ هَذِهِ، وَجَاءَتْ السُّنَّةُ فِي الَّتِي لَا تُمَيِّزُ دَمَهَا - وَهُوَ كُلُّهُ أَسْوَدُ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ طُهْرٌ لَا حَيْضٌ وَلَهَا وَقْتٌ مَحْدُودٌ مُمَيَّزٌ كَانَتْ تَحِيضُ فِيهِ: أَنْ تُرَاعِيَ أَمَدَ حَيْضِهَا فَتَكُونُ فِيهِ حَائِضًا، وَيَكُونُ مَا عَدَاهُ طُهْرًا، فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ حُكْمُ الَّتِي كَانَتْ أَيَّامُهَا مُخْتَلِفَةً مُنْتَقِلَةً أَنْ تَبْنِيَ عَلَى آخِرِ حَيْضٍ حَاضَتْهُ قَبْلَ اتِّصَالِ دَمِهَا، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حُكْمُهَا وَبَطَلَ مَا قَبْلَهُ بِالْيَقِينِ وَالْمُشَاهَدَةِ، فَخَرَجَتْ هَاتَانِ بِحُكْمِهِمَا، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الَّتِي لَا تُمَيِّزُ دَمَهَا وَلَا لَهَا أَيَّامٌ مَعْهُودَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْمَأْمُورَةُ بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوْ لِكُلِّ صَلَاتَيْنِ، فَوَجَبَ ضَرُورَةً أَنْ تَكُونَ هِيَ، إذْ لَيْسَتْ إلَّا ثَلَاثَ صِفَاتٍ وَثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ فَلِلصِّفَتَيْنِ حُكْمَانِ مَنْصُوصَانِ عَلَيْهِمَا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الثَّالِثُ لِلصِّفَةِ الثَّالِثَةِ ضَرُورَةً وَلَا بُدَّ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ غَلَّبَ حُكْمَ تَلَوُّنِ الدَّمِ وَلَمْ يُرَاعِ الْأَيَّامَ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَغَلَّبَ الْأَيَّامَ وَلَمْ يُرَاعِ حُكْمَ تَلَوُّنِ الدَّمِ، وَكِلَا الْعَمَلَيْنِ خَطَأٌ، لِأَنَّهُ تَرْكٌ لِسُنَّةٍ لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُد فَأَخَذُوا بِالْحُكْمَيْنِ مَعًا، إلَّا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>