للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي قَوْلِهِ هَذَا لَمْ يُوَافِقْ أَحَدًا مِنْهُمْ وَهُوَ قَوْلٌ مَا سُبِقَ إلَيْهِ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَلَا دَلِيلَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، لَا مِنْ نَصٍّ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ، وَلَا مِنْ قَوْلٍ يُعْقَلُ.

وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَالَ: أَمْرُك بِيَدِك وَالتَّمْلِيكُ سَوَاءٌ.

قَالَ: وَمَنْ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ فَقَالَتْ: قَدْ قَبِلْت؛ فَقَدْ طَلُقَتْ، إلَّا أَنْ تَقُولَ هِيَ: لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا - قَالَ: فَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى فَطَلَّقَتْهَا ثَلَاثًا، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فَيَقُولَ: لَمْ أُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ يَقُولَ: لَمْ أُرِدْ إلَّا اثْنَتَيْنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَتَكُونُ وَاحِدَةً بَائِنَةً.

قَالَ: فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: قَدْ وَلَّيْتُكِ أَمْرَكِ إنْ شَاءَ اللَّهُ؟ فَقَالَتْ هِيَ: قَدْ فَارَقْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهُوَ طَلَاقٌ - فَلَوْ قَالَ لَهَا: مَا كُنْت إلَّا لَاعِبًا، أَوْ قَالَتْ هِيَ: مَا كُنْت إلَّا لَاعِبَةً مَا أَرَدْنَا طَلَاقًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّجُلِ مَعَ يَمِينِهِ.

قَالَ: فَلَوْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك فَأَخَذَتْ شُقَّةً وَمَضَتْ إلَى أَهْلِهَا وَخَرَجَ هُوَ إلَى سَفَرٍ وَلَمْ يَكُنْ غَيْرَ هَذَا، قَالُوا: قَدْ طَلُقَتْ.

فَلَوْ قَالَ: أَمْرُك بِيَدِك، أَوْ مَلَّكَهَا؟ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً، فَقَالَ هُوَ: لَمْ أَنْوِ إلَّا ثَلَاثًا، لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا وَاحِدَةٌ؟

فَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا غَيْرُ مُوَافِقٍ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا مِنْ التَّابِعِينَ إلَّا رِوَايَةً عَنْ عُمَرَ لَمْ تَصِحَّ: رُوِّينَاهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ هُوَ: وَاَللَّهِ مَا جَعَلْت أَمْرَهَا إلَّا وَاحِدَةً؟ فَتَرَافَعَا إلَى عُمَرَ، فَاسْتَحْلَفَهُ عُمَرُ " بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا جَعَلْت أَمْرَهَا بِيَدِهَا إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَ فَرَدَّهَا عُمَرُ عَلَيْهِ.

مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ غَيْرُ ثِقَةٍ وَلَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ - وَالصَّحِيحُ عَنْ عُمَرَ خِلَافُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَالِهِ وَالْأَسَانِيدُ فِي ذَلِكَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي " كِتَابِ الْإِيصَالِ " وَإِنَّمَا قَصَدْنَا هَاهُنَا الِاخْتِصَارَ - وَأَمَّا سَائِرُ تَقَاسِيمِهِ فَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>