للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا - فَإِنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ خَالَفَهُ فِيهَا، لِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَهَا رَجْعِيَّةً، وَجَعَلَهَا مَالِكٌ بَائِنَةً، فَخَرَجَ عَنْ قَوْلِ جَمِيعِهِمْ.

وَكَذَلِكَ أَيْضًا جَعَلَهَا مَرْوَانُ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَجْعِيَّةً.

وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ أَيْضًا - مِنْ طَرِيقٍ ثَابِتَةٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - يَعْنِي الْمُنَاكَرَةَ - مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، فَصَحَّ أَنَّهُ رَأْيٌ مُجَرَّدٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، لَا مِنْ نَصٍّ، وَلَا مِنْ قَوْلٍ مُتَقَدِّمٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ، وَلَا مِنْ رَأْيٍ يُعْقَلُ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ: هُوَ مَا نَوَى، فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلَاقًا فَهُوَ كَمَا قَالَ - وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ إلَيْهِ؟ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، أَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَأَيَّ شَيْءٍ قَالَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ فَقَطْ - وَهَكَذَا قَالَا فِي التَّخْيِيرِ، وَالتَّمْلِيكِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ آرَاءٌ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا - وَقَدْ تَقَصَّيْنَا مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، فَلَمْ يَكُونُوا بَيْنَ مَنْ صَحَّ عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ إلَّا سَبْعَةً، ثُمَّ قَدْ اخْتَلَفُوا كَمَا تَرَى، وَلَيْسَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضٍ، وَلَا أَثَرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا أَثَرًا -: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أرنا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قُلْت لِأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ: هَلْ عَلِمْت أَحَدًا قَالَ فِي أَمْرِك بِيَدِك أَنَّهَا ثَلَاثٌ غَيْرَ الْحَسَنِ؟ قَالَ: لَا، اللَّهُمَّ غُفْرًا إلَّا مَا حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ كَثِيرٍ - مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ - عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ: ثَلَاثٌ» ، قَالَ أَيُّوبُ: فَلَقِيتُ كَثِيرًا - مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ - فَسَأَلْتُهُ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَرَجَعْت إلَى قَتَادَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: نَسِيَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كَثِيرٌ - مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ مَجْهُولٌ - وَلَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالثِّقَةِ وَالْحِفْظِ لَمَا خَالَفْنَا هَذَا الْخَبَرَ، وَقَدْ أَوْقَفَهُ بَعْضُ رُوَاتِهِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ هُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِنَا، فَهُوَ -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ نا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَةٍ لَهُ: إنْ أَدْخَلْت هَذَا الْعَدْلَ الْبَيْتَ فَأَمْرُ صَاحِبَتِك بِيَدِك، فَأَدْخَلَتْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: هِيَ طَالِقٌ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَبَانَهَا مِنْهُ، فَمَرُّوا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرُوهُ؟ فَذَهَبَ بِهِمْ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الرِّجَالَ قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ، وَلَمْ يَجْعَلْ النِّسَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>