للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوَّامَاتٍ عَلَى الرِّجَالِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَاهَا امْرَأَتَهُ، قَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ، فَجَعَلَهَا وَاحِدَةً ".

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ أَمْضَى حُكْمَهُ وَإِلَّا فَقَدْ رَجَعَ إلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي أَنْ لَا يَنْفُذَ طَلَاقُ مَنْ جَعَلَ الزَّوْجُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قُلْت لِعَطَاءٍ: رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمْرُك بِيَدِك بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ قُلْت: فَأَرْسَلَ إلَيْهَا رَجُلًا أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا يَوْمًا أَوْ سَاعَةً؟ قَالَ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا، مَا أَظُنُّ هَذَا شَيْئًا؟ قُلْت لِعَطَاءٍ: أَمَلَّكَتْ عَائِشَةُ حَفْصَةَ حِينَ مَلَّكَهَا الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَمْرَهَا؟ فَقَالَ عَطَاءٌ: لَا، إنَّمَا عَرَضَتْ عَلَيْهِمْ أَيُطَلِّقُهَا أَمْ لَا؟ وَلَمْ يُمَلِّكْهَا أَمْرَهَا.

وَأَمَّا التَّمْلِيكُ - فَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ، وَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فَإِنْ نَاكَرَهَا حَلَفَ، وَلَهُ مَا نَوَى.

وَرُوِيَ عَنْهُ قَوْلٌ آخَرُ - يَصِحُّ عَنْهُ: الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ، وَلَا قَوْلَ لَهُ - وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيِّ.

وَرُوِيَ عَنْهُ - قَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّ التَّمْلِيكَ نَفْسَهُ طَلَاقٌ -: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: مَنْ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ طَلُقَتْ، وَعَصَى رَبَّهُ - وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ.

وَقَوْلٌ رَابِعٌ - صَحَّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: إنْ مَلَّكَهَا نَفْسَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا، فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ سُفْيَانَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي التَّمْلِيكِ.

وَلِمَالِكٍ فِي التَّمْلِيكِ أَقْوَالٌ لَمْ نَذْكُرْهَا، نَذْكُرُهَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا فَسَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغًا، أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، إذَا كَانَ مِثْلُهَا يَفْهَمُ مَا يُجْعَلُ إلَيْهَا - فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا، فَإِنْ رَدَّتْ أَمْرَهَا إلَيْهِ فَلَا حُكْمَ لَهَا، فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ؟ فَقَالَ: لَمْ أُمَلِّكِّ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ يَقُولُ: لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ، فَهَذِهِ هِيَ الْمُنَاكَرَةُ، وَيَحْلِفُ هُوَ، فَتَكُونُ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً.

قَالَ: فَلَوْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ عَدَدًا مِنْ الطَّلَاقِ، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>