للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: قَدْ مَلَّكْتُك أَمْرَك، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِفَهَا هُوَ لِتَقْضِيَ، أَوْ لِتَتْرُكَ، إنَّمَا الْقَضَاءُ إلَيْهَا حَتَّى يُوقِفَهَا السُّلْطَانُ فَتَقْضِيَ أَوْ تَتْرُكَ، فَيَبْطُلَ مَا جُعِلَ إلَيْهَا إنْ تَرَكَتْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَمْ يُوَافِقْ فِي هَذَا إلَّا قَوْلًا مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ لِابْنِ عُمَرَ فِي الْمُنَاكَرَةِ خَاصَّةً.

وَسَائِرُ أَقْوَالِهِ فِي ذَلِكَ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهَا، وَقَدْ خَالَفَهُ زَيْدٌ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ.

وَلَيْسَ فِي التَّمْلِيكِ إيجَابُ طَلَاقٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَّا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدٍ فَقَطْ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ؛ وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ هُوَ -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ نَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُد عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ رُمَيْثَةَ الْفِرَاسِيَّةَ كَانَتْ تَحْتَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَمَلَّكَهَا أَمْرَهَا، فَقَالَتْ: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: أَخْطَأَتْ، لَا طَلَاقَ لَهَا، أَلَا إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُطَلِّقُ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ " أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مَلَّكْتُ امْرَأَتِي فَطَلَّقَتْنِي ثَلَاثًا؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَطَّأَ اللَّهُ نَوْأَهَا عَلَيْك، إنَّمَا الطَّلَاقُ لَك عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لَهَا عَلَيْك " وَهَذَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاوُسٍ: كَيْفَ كَانَ أَبُوك يَقُولُ فِي رَجُلٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا، أَتَمْلِكُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا أَمْ لَا؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ إلَى النِّسَاءِ طَلَاقٌ؟ فَقُلْت لَهُ: فَكَيْفَ كَانَ أَبُوهُ يَقُولُ فِي رَجُلٍ مَلَّكَ رَجُلًا أَمْرَ امْرَأَتِهِ، أَيَمْلِكُ الرَّجُلُ أَنْ يُطَلِّقَهَا؟ قَالَ: لَا - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا.

وَأَمَّا التَّخْيِيرُ - فَصَحَّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ كَمَا كَانَتْ.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ عَنْ زَاذَانَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَالَفَ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عُمَرَ، إذْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>