للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] .

قَالَ: الْمُحْصَنَاتُ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنْ الْحَرَائِرِ، وَإِذْ هُوَ لَا يَرَى بَأْسًا بِمَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ أَنْ يَنْتَزِعَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ مِنْ عَبْدِهِ فَيَطَؤُهَا.

وَبِهِ إلَى إسْمَاعِيلَ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] قَالَ يَنْتَزِعُ الرَّجُلُ وَلِيدَتَهُ امْرَأَةَ عَبْدِهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَنْتَزِعُ أَمَتِي مِنْ عَبْدِ قَوْمٍ آخَرِينَ أَنْكَحْتهَا إيَّاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَرْضِهِ، قُلْت: أَبَى إلَّا صَدَاقَهُ؟ قَالَ: هُوَ لَهُ كُلُّهُ، فَإِنْ أَبَى فَانْتَزِعْهَا، إنْ شِئْت، وَمِنْ حُرٍّ أَنْكَحْتهَا إيَّاهُ - ثُمَّ رَجَعَ عَطَاءٌ فَقَالَ: لَا تَنْتَزِعْهَا مِنْ الْحُرِّ، وَإِنْ أَعْطَيْته الصَّدَاقَ فَلَا تَسْتَخْدِمْهَا، وَلَا تَبِعْهَا.

وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَيْسَ طَلَاقًا، وَأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ أَوْ إبَاقَهُ لَيْسَ طَلَاقًا لِزَوْجَتِهِ، وَلَا لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ إذَا زَوَّجَهَا مِنْهُ -: رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ لَيْسَ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقًا لَهَا مِنْ زَوْجِهَا.

وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَنْ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: اشْتَرَيْت جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ أَفَأَطَؤُهَا؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَتُرِيدُ أَنْ أُحِلَّ لَك الزِّنَا؟ وَصَحَّ هَذَا أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّ مَنْ رَأَى بَيْعَهَا طَلَاقَهَا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] .

قَالُوا: فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا كُلَّ مُحْصَنَةٍ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُنَا فَهِيَ حَلَالٌ لَنَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُحْصَنَاتِ - وَالْمُحْصَنَاتُ هُنَّ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ.

فَصَحَّ أَنَّهُنَّ إذَا كُنَّ ذَوَاتَ أَزْوَاجٍ فَمَلَكْنَاهُنَّ أَنَّهُنَّ لَنَا حَلَالٌ، وَلَا يَحْلِلْنَ لَنَا إلَّا بِأَنْ يُحَرَّمْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، إذْ كَوْنُ الْفَرْجِ حَلَالًا لِاثْنَيْنِ مَعًا مَمْنُوعٌ فِي الدِّيَانَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>