رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَأَنْ تَقُولَ هِيَ: إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَفَانَا بِمَا أَمَرَنَا بِهِ فِي الْقُرْآنِ عَنْ تَكَلُّفِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .
وَكُلُّ رَأْيٍ زَادَنَا شَيْئًا فِي الدِّينِ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَنَحْنُ نَرْغَبُ عَنْ ذَلِكَ الرَّأْيِ وَنَقْذِفُهُ فِي الْحَشِّ؛ لِأَنَّهُ شَرْعٌ فِي الدِّينِ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
فَإِنْ قَالُوا: رُبَّمَا نَوَى: أَنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِي شَهَادَتِهِ بِالتَّوْحِيدِ، وَنَوَتْ هِيَ: أَنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى؟ قُلْنَا: هَبْكَ أَنَّهُمَا نَوَيَا ذَلِكَ، فَوَاَللَّهِ مَا يَنْتَفِعَانِ بِذَلِكَ، وَأَنَّ يَمِينَهُمَا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُجَاهَرَةِ أَحَدِهِمَا فِيهِ بِالْبَاطِلِ مُوجِبٌ عَلَيْهِ اللَّعْنَةَ، وَعَلَيْهَا الْغَضَبَ، نَوَيَا مَا قُلْتُمْ أَوْ لَمْ يَنْوِيَا، وَلَا يُمَوَّهُ عَلَى عَلَّامِ الْغُيُوبِ بِمِثْلِ هَذَا.
وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى نا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ» .
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، وَالْبُخَارِيِّ - قَالَ أَبُو دَاوُد: نا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا جَمِيعًا: نا سُفْيَانُ - هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: «حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا؟» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ رَوَيْته عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْته مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: فَتَفْرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُغْنِي عَنْ تَفْرِيقِ كُلِّ حَاكِمٍ بَعْدَهُ. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا» مَنَعَ مِنْ أَنْ يَجْتَمِعَا أَبَدًا بِكُلِّ وَجْهٍ، وَلَمْ يَقُلْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ بِنَصِّ الْخَبَرِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْتِعَانِهِمَا جَمِيعًا، فَلَا يَقَعُ التَّفْرِيقُ إلَّا حِينَئِذٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute