اللِّعَانِ، وَهُوَ يَرُدُّ أَوَامِرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْمَالَهُ كَالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، فَأَيُّ ضَلَالٍ يَفُوقُ هَذَا؟
وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّهُ بِتَمَامِ الْتِعَانِهِ وَالْتِعَانِهَا يَنْتَفِي عَنْهُ لِحَاقُ حَمْلِهَا، إلَّا أَنْ يُقَرِّبَهُ - وَسَوَاءٌ ذَكَرَهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ - إذَا انْتَفَى عَنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ -: فَلِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ فَانْتَفَى عَنْ وَلَدِهِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ ".
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: إنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ - فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ وَفِيهِ «فَكَانَتْ حَامِلًا فَكَانَ الْوَلَدُ إلَى أُمِّهِ»
وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّهُ لَمْ يُلَاعِنْهَا حَتَّى وَلَدَتْ، لَاعَنَ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ فَقَطْ، وَلَا يَنْتَفِي وَلَدُهَا مِنْهُ، فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ» .
فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَدٌ فَهُوَ وَلَدُهُ إلَّا حَيْثُ نَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ حَيْثُ يُوقِنُ بِلَا شَكٍّ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ وَلَدُهُ، وَلَمْ يَنْفِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَّا وَهِيَ حَامِلٌ بِاللِّعَانِ فَقَطْ، فَيَبْقَى مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى لِحَاقِ النَّسَبِ، وَلِذَلِكَ قُلْنَا: إنْ صَدَّقَتْهُ فِي أَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْهُ فَإِنَّ تَصْدِيقَهَا لَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] فَوَجَبَ أَنَّ إقْرَارَ الْأَبَوَيْنِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ، فَيَكُونُ كَسْبًا عَلَى غَيْرِهِمَا، وَإِنَّمَا نَفَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْوَلَدَ إنْ كَذَّبَتْهُ الْأُمُّ وَالْتَعَنَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ فَقَطْ، فَلَا يَنْتَفِي فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَالْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّ الْمُخَالِفِينَ لَنَا هَاهُنَا يَقُولُونَ: إنْ اتَّفَقَا جَمِيعًا عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ غَيْرِهِ: لَمْ يُصَدَّقَا، وَلَمْ يَنْفِهِ إلَّا بِلِعَانٍ؟ فَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ هَذَا إذَا أَلْغَوْا تَصْدِيقَهُمَا فَلَمْ يَنْفُوا نَسَبَهُ إلَّا بِلِعَانٍ، فَإِذْ لَا مَعْنَى لِتَصْدِيقِهِمَا لَهُ فَلَا يَجُوزُ اللِّعَانُ إلَّا حَيْثُ حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَهُوَ إذَا رَمَاهَا بِالزِّنَا فَقَطْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا إذَا قَذَفَهَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ مِنْهُ أَنَّهُ يُلَاعِنُهَا مَتَى رُفِعَ الْأَمْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute