للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ: «أَيُّمَا أَمَةٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَعَتَقَتْ، فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا» - فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ طَرِيقِ حَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - لَا يُعْرَفُ - فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِيهِ حُجَّةٌ أَنْ لَا تَخَيُّرَ تَحْتَ حُرٍّ، إنَّمَا فِيهِ حُكْمُ عِتْقِهَا تَحْتَ الْعَبْدِ فَقَطْ، وَسَكَتَ فِيهِ عَنْ عِتْقِهَا تَحْتَ الْحُرِّ - فَإِنْ صَحَّ فِي خَبَرٍ آخَرَ مَا يُوجِبُ عِتْقَهَا تَحْتَ الْحُرِّ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَوْهَبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهُ كَانَ لَهَا عَبْدٌ وَجَارِيَةٌ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَبْدَأَ فِي الْعِتْقِ بِالْغُلَامِ قَبْلَ الْجَارِيَةِ - فَإِنَّهُ خَبَرٌ لَا يَصِحُّ -: رُوِّينَا عَنْ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ فَقَالَ: هَذَا خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ إلَّا لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ -: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ: أَنَّهُمَا كَانَا زَوْجَيْنِ؟ فَإِقْحَامُ الْقَوْلِ بِالدَّعْوَى كَذِبٌ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ أَنَّهُمَا كَانَا زَوْجَيْنِ، فَلَيْسَ فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ بِذَلِكَ لِيُسْقِطَ خِيَارَ الزَّوْجَةِ؟ وَإِقْحَامُ هَذَا فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ كَذْبَةٌ بَائِنَةٌ - هَذَا عَظِيمٌ لَا يَسْتَجِيزُهُ مَنْ يَهَابُ الْكَذِبَ، لَا سِيَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يُوجِبُ النَّارَ.

وَقَدْ يُمْكِنُ - لَوْ صَحَّ الْخَبَرُ - أَنْ يَكُونَ أَمْرُهَا أَنْ تَبْدَأَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨]

لِقَوْلِهِ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ أُمِّ مَرْيَمَ {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران: ٣٦]

وَلِلْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ - مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ أَنَّهُ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ أَوْ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ كَلَامًا، وَفِيهِ «أَيُّمَا امْرِئٍ أَعْتَقَ مُسْلِمًا وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً وَأَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ إلَّا كَانَتْ فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزِي بِكُلِّ عَظْمٍ مِنْهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ» فَالْأَجْرُ فِي عِتْقِ الذَّكَرِ مُضَاعَفٌ - فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ جُمْلَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>