أَنَّ الْمُطَّلِبَ بْنَ حَنْطَبٍ جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ: إنِّي قُلْت لِامْرَأَتِي: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، فَتَلَا عُمَرُ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] ثُمَّ تَلَا: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [النساء: ٦٦] الْوَاحِدَةُ تَبُتُّ ارْجِعْ إلَى أَهْلِك
- وَصَحَّ هَذَا عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، إلَّا أَنَّ أَبَا سُلَيْمَانَ قَالَ: إنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَيْسَ طَلَاقًا، فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ - أَنَّهُ يَنْوِي فَيَكُونُ مَا نَوَى - صَحَّ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ.
وَقَوْلٌ رَابِعٌ - صَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَنَّ " أَلْبَتَّةَ " إنْ نَوَاهَا طَلْقَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَاهَا ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ.
وَقَوْلٌ خَامِسٌ - وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ لِمَدْخُولٍ بِهَا، فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَا بُدَّ، وَإِنْ قَالَهَا لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى: إنْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ اثْنَتَيْنِ فَاثْنَتَانِ، وَإِنْ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ - وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَهِيَ ثَلَاثٌ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ قَبْلَهُ - نَعْنِي هَذَا الْفَرْقَ. وَقَوْلٌ سَادِسٌ - أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ طَلَاقٍ، فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، فَإِنْ قَالَ: أَنْوِي طَلَاقًا لَمْ يُصَدَّقْ، فَإِنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ ذِكْرِ طَلَاقٍ فَكَذَلِكَ سَوَاءً سَوَاءً، إلَّا أَنَّهُ إنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلَاقًا فَصُدِّقَ.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ إلَّا زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ فَإِنَّهُ وَافَقَهُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ بَائِنَتَانِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ قُلْنَا وَنَقُولُ: لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute