للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا سِيَّمَا فِي أَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْآثَارُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: فَأَمَّا الَّتِي مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ فَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ طَلَاقُ زَوْجِهَا لَهَا كَانَ ثَلَاثًا هَكَذَا، أَوْ آخِرَ ثَلَاثٍ، فَوَجَبَ ضَرُورَةً أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ فِي خَبَرِهَا أَلْبَتَّةَ، أَوْ بَتَّ طَلَاقَهَا، أَوْ بَائِنًا أَنَّهُ إنَّمَا عَنَى مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ آخِرَ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ - فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِهَا.

وَأَمَّا حَدِيثُ امْرَأَةِ رِفَاعَةَ فَكَذَلِكَ أَيْضًا -: لِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ - وَذَكَرَتْ الْخَبَرَ» فَفَسَّرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ مَا أَجْمَلَهُ غَيْرُهُ - وَصَحَّ أَنَّ طَلَاقَهُ لَهَا كَانَ آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي خَبَرِ رُكَانَةَ فَوَجَدْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عُجَيْرٍ - وَكِلَاهُمَا مَجْهُولٌ - وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ مُبَادِرِينَ إلَيْهِ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ فَوَجَدْنَاهُ ضَعِيفًا، وَالزُّبَيْرُ هَذَا مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِكُلِّ أَثَرٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَا يَحِلُّ تَحْرِيمُ فَرْجٍ عَلَى مَنْ أَبَاحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ، وَإِبَاحَتُهُ لِمَنْ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ، لَا سِيَّمَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ لَا يُعْرَفُ أَحَدٌ قَالَ بِهِمَا قَبْلَهُمَا.

وَأَمَّا اعْتَدِّي - فَإِنَّ بَعْضَ مَنْ لَا يُبَالِي بِنَصْرِ ضَلَالَةٍ بِأَنْ يُورِدَ الْكَذِبَ الْمُفْتَرَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَدْ ادَّعَى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَوْدَةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: اعْتَدِّي، فَكَانَ طَلَاقًا ثُمَّ رَاجَعَهَا» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ مَا صَحَّ قَطُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ إلَّا حَفْصَةَ فَقَطْ ثُمَّ رَاجَعَهَا، وَأَمَّا سَوْدَةُ فَلَا إنَّمَا جَاءَ فِيهَا: أَنَّهَا وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا - لَمَّا أَسَنَّتْ - لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.

وَجَاءَ - أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَرَادَ فِرَاقَهَا؟ فَلَمَّا رَغِبَتْ إلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي إمْسَاكِهَا وَتَجْعَلُ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ لَمْ يُفَارِقْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>