للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ - أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَإِنْ عَمَّ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ يَاسِينَ الزَّيَّاتِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: هُوَ كَمَا قُلْت.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِيمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ؟ وَكُلُّ أَمَةٍ أَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ؟ قَالَ الزُّهْرِيُّ: هُوَ كَمَا قَالَ.

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَرَوْنَ الطَّلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ كَمَا قَالَ.

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ نا مَرْوَانُ عَنْ شُجَاعٍ عَنْ خُصَيْفٍ قَالَ: سَأَلْت مُجَاهِدًا عَنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ فَعَابَهُ مُجَاهِدٌ، وَقَالَ: مَا لَهُ طَلَاقٌ إلَّا بَعْدَمَا مَلَكَ - وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَنَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ أَجَازَهُ بِكُلِّ حَالٍ؟ فَوَجَدْنَا قَائِلَهُمْ قَالَ: لَا تُخَالِفُونَنَا فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا بِنْت مِنِّي -: أَنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا - فَصَحَّ أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِالْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ الطَّلَاقَ كَمَا أَمَرَ، بَلْ لَمْ يُوقِعْهُ حِينَ نَطَقَ بِهِ، وَأَوْقَعَهُ حَيْثُ لَا يَقَعُ؟ فَهُوَ بَاطِلٌ فَقَطْ.

وَقَالُوا: قِسْنَاهُ عَلَى النَّذْرِ؟ قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلًا، لِأَنَّ النَّذْرَ جَاءَ فِيهِ النَّصُّ، وَلَمْ يَأْتِ فِي تَقْدِيمِ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ نَصٌّ -.

وَالنَّذْرُ شَيْءٌ يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَيْسَ الطَّلَاقُ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا مِمَّا نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ إلَيْهِ، وَحَضَّهُمْ عَلَيْهِ.

وَهُمْ لَا يُخَالِفُونَنَا فِي أَنَّ مَنْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ أُطَلِّقَ زَوْجَتِي -: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهَا - وَهَذَا يُبْطِلُ عَلَيْهِمْ تَمْوِيهَهُمْ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]

<<  <  ج: ص:  >  >>