مَنْزِلِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ صَلَاةَ فَرْضٍ مَعَ الْجَمَاعَةِ إذَا وَجَدَهَا تُصَلِّي تِلْكَ الصَّلَاةَ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ حَاشَا الْمَغْرِبَ فَلَا يُعِيدُهَا، قَالَ: وَالْأَمْرُ فِي أَيِّ الصَّلَاتَيْنِ فَرْضُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: فَإِنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يُعِدْ فِي أُخْرَى.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا مَنْ مَنَعَ مِنْ الْإِعَادَةِ جُمْلَةً فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد: ثنا أَبُو كَامِلٍ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ثنا حُسَيْنٌ هُوَ الْمُعَلِّمُ - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: أَتَيْت ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلَاطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَقُلْت: أَلَا تُصَلِّي مَعَهُمْ؟ قَالَ قَدْ صَلَّيْت، وَسَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» .
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ لَا يَحِلُّ خِلَافُهُ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ وَلَمْ نَقُلْ قَطُّ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا؛ إنَّهُ يُصَلِّي عَلَى نِيَّةِ أَنَّهَا الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّى، فَيَجْعَلُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ظُهْرَيْنِ أَوْ عَصْرَيْنِ أَوْ صُبْحَيْنِ أَوْ مَغْرِبَيْنِ أَوْ عَتَمَتَيْنِ؛ هَذَا كُفْرٌ لَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِ؛ لِأَحَدٍ لَكِنَّهُ يُصَلِّي نَافِلَةً كَمَا نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِأَنَّ التَّطَوُّعَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ لَا يَجُوزُ وَاحْتَجَّ بِالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَغَلَّبَهَا عَلَى أَحَادِيثِ الْأَمْرِ؛ وَغَلَّبْنَا نَحْنُ أَحَادِيثَ الْأَمْرِ، وَسَنَذْكُرُ الْبُرْهَانَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْعَمَلَيْنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، بَعْدَ تَمَامِ كَلَامِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي الَّتِي بَعْدَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا فِي الْمَنْعِ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي تُصَلِّي الْمَغْرِبَ خَاصَّةً بِأَنْ قَالُوا: إنَّ الْمَغْرِبَ وِتْرُ النَّهَارِ، فَلَوْ صَلَّاهَا ثَانِيَةً لَشَفَعَهَا، فَبَطَلَ كَوْنُهَا وِتْرًا.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا نَافِلَةٌ وَالْأُخْرَى فَرِيضَةٌ، بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ وَالنَّافِلَةُ لَا تَشْفَعُ الْفَرِيضَةَ، بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ.
وَقَالُوا: لَا تَطَوُّعَ بِثَلَاثٍ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي وَجَبَتْ طَاعَتُهُ فِي إخْبَارِهِ بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، هُوَ الَّذِي أَمَرَ مَنْ صَلَّى وَوَجَدَ جَمَاعَةً تُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ وَلَمْ يَخُصَّ صَلَاةً بَعْدَ صَلَاةٍ، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُتَنَفَّلَ فِي الْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ أَوْ بِثَلَاثٍ، وَالْعَجَبُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute