ضَعِيفٌ - وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ، وَعَطِيَّةُ ضَعِيفَانِ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا، وَلَوْ صَحَّ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا لَمَا خَالَفْنَاهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ الْخَبَرَ الثَّابِتَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ: إذَا أَتَاكِ قُرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي وَإِذَا مَرَّ الْقُرْءُ تَطَهَّرِي ثُمَّ صَلِّي مِنْ الْقُرْءِ إلَى الْقُرْءِ» وَالْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا وَحَيْضَتِهَا؟ قُلْنَا: لَمْ نُنْكِرْ أَنَّ الْحَيْضَ يُسَمَّى قُرْءًا، كَمَا أَنَّكُمْ لَا تُنْكِرُونَ أَنَّ الطُّهْرَ يُسَمَّى قُرْءًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفْنَا فِي أَيِّ ذَلِكَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] .
وَقَالُوا: إنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِطَلَاقِ النِّسَاءِ لِاسْتِقْبَالِ الْعِدَّةِ.
قَالُوا: فَلَوْ كَانَ الْقُرْءُ هُوَ الطُّهْرَ لَكَانَ مُطَلِّقًا فِي الْعِدَّةِ؟ فَقُلْنَا: هَذَا خَطَأٌ مِنْ حُكْمِكُمْ وَبِنَائِكُمْ عَلَى مُقَدَّمَةٍ صَحِيحَةٍ وَنَعَمْ، إنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالطَّلَاقِ فِي اسْتِقْبَالِ الْعِدَّةِ، فَلَوْ كَانَتْ الْعِدَّةُ الَّتِي هِيَ الْأَقْرَاءُ الْحِيَضَ، لَكَانَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ أَوَّلِ الْعِدَّةِ مُدَّةٌ لَيْسَتْ فِيهَا مُعْتَدَّةً، وَهَذَا بَاطِلٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَسَقَطَ كُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ - وَبَقِيَ قَوْلُنَا - فَوَجَدْنَا حُجَّةَ مَنْ قَالَ بِهِ -: مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» .
فَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الطُّهْرِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ - فَصَحَّ أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute