عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا سِيَّمَا وَالثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ رَأْيٌ رَأَيَاهُ لَا عَنْ أَثَرٍ عِنْدَهُمَا قَالَاهُ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَفْرَحُ الْحَنَفِيُّونَ بِهَذَا الشَّغَبِ، فَهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِلصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْمَكَانِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ عَمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ مَا لَمْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ، وَهُمْ يَقْطَعُونَ عَنْهُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ إذَا بَقِيَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ أَعْضَاءِ جَسَدِهَا وَلَوْ قَدْرَ الدِّرْهَمِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَدْ خَالَفَ مَنْ ذَكَرْنَا هَذَا مَنْ رَأَى مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ تَتِمُّ عِدَّتُهَا - فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا بِلَا شَكٍّ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ تَتِمُّ عِدَّتُهَا - وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ، فَوَجَدْنَا مِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقُرْءُ الطُّهْرَ لَكَانَتْ الْعِدَّةُ قُرْأَيْنِ وَشَيْئًا مِنْ قُرْءٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ ثَلَاثَ قُرُوءٍ، فَصَحَّ أَنَّهَا الْحِيَضُ الَّتِي تُسْتَوْفَى ثَلَاثٌ مِنْهَا كَامِلَةٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ بَعْضُ الْقُرْءِ قُرْءٌ بِلَا شَكٍّ، وَبَعْضُ الْحَيْضِ حَيْضٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «طَلَاقُ الْأَمَةِ طَلْقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» .
وَنَا حُمَامٌ أَنَا يَحْيَى بْنُ مَالِكِ بْنِ عَائِذٍ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي غَسَّانَ أَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا ابْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ الْأَحْمَسِيُّ أَنَا عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَلَاقُ الْأَمَةِ ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَانِ خَبَرَانِ سَاقِطَانِ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ مُظَاهِرَ بْنَ أَسْلَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute