للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ اللَّيْثُ يُنْفَقُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، فَإِنْ وَلَدَتْ جُعِلَ مَا أُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ حِصَّةِ وَلَدِهَا، وَإِنْ لَمْ تَلِدْ قُضِيَ عَلَيْهَا بِرَدِّ مَا أُعْطِيت.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَخْرُجُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا نَهَارًا وَتَرْجِعُ لَيْلًا إلَى مَنْزِلِهَا وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ الْمَبْتُوتَةُ فَلَا تَخْرُجُ لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ هُنَا فَظَاهِرُ الْفَسَادِ، وَتَقْسِيمٌ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ - كَذَلِكَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَقَوْلُ مَالِكٍ.

وَأَظْهَرُهَا فَسَادًا قَوْلُ مَالِكٍ فِي مَنْعِهِ الْغُرَمَاءَ.

وَلَا حَظَّ لِلْوَرَثَةِ إلَّا فِيمَا بَقِيَ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِلْغُرَمَاءِ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ فَلِأَيِّ مَعْنًى يُمْنَعُونَ حَقَّهُمْ الْوَاجِبَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَهُ حَقٌّ مُتَيَقَّنٌ فِي الْمِيرَاثِ فَمَنْعُهُ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَقَعَ فِي حِصَّتِهِ ظُلْمٌ مُتَيَقَّنٌ، لَا يُدْرَى مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ؟ وَقَدْ أَكْثَرْنَا مُسَاءَلَتَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَمَا وَجَدْنَا لَهُمْ مُتَعَلَّقًا، إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْمَوْتِ، وَعِدَّةِ الْوَرَثَةِ، وَمِنْ تَقْدِيمِ نَاظِرٍ عَلَى الْمَوْلُودِ؟ فَقُلْنَا لَهُمْ: هَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ بَاطِلٌ، بَلْ مِنْ ذَلِكَ أَلْفُ بُدٍّ -: أَمَّا الدُّيُونُ - فَلَا مَعْنَى لِإِثْبَاتِ الْمَوْتِ أَصْلًا، بَلْ يُقْضَى لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا.

وَأَمَّا الْوَرَثَةُ - فَلَا مَعْنَى لِإِثْبَاتِ عَدَدِهِمْ فِيمَا لَا شَكَّ أَنَّهُ يَقَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.

وَأَمَّا مَا يَقَعُ لَهُ أَوْ لَا يَقَعُ، لِكَثْرَةِ الْوَرَثَةِ، أَوْ لِقِلَّتِهِمْ، وَبِوِلَادَةِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، فَهَذَا يُوقَفُ وَلَا بُدَّ حَتَّى يُتَيَقَّنَ كَيْفَ يَكُونُ حُكْمُهُ؟ وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَ النَّفَقَةَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا، أَوْ لِلْمَبْتُوتَةِ -: فَخَطَأٌ لَا خَفَاءَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ لَيْسَ لَهُ، بَلْ قَدْ صَارَ لِغَيْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ، أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ مَالِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ مِنْ مَالِ الْوَرَثَةِ، أَوْ مِمَّا أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِمْ - وَهَذَا عَيْنُ الظُّلْمِ - وَالْمَبْتُوتَةُ لَيْسَتْ لَهُ زَوْجَةً، فَهِيَ وَالْأَجْنَبِيَّةُ سَوَاءٌ، فَأَخْذُهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ.

وَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى شَغَبَ مَنْ أَوْجَبَ لِلْمَبْتُوتَةِ السُّكْنَى، وَالنَّفَقَةَ، أَوْ السُّكْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>