للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ النَّفَقَةِ، أَوْ خَصَّ الْحَامِلَ بِذَلِكَ - وَنُبَيِّنُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَسَادَ كُلِّ ذَلِكَ - وَبِهِ عَزَّ وَجَلَّ نَتَأَيَّدُ.

أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا؟ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى - لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٦ - ٧] الْآيَةَ.

قَالُوا: وَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ حَامِلٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْ أَوَّلِ الْآيَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] فَاَلَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا هِيَ الَّتِي أَمَرَ بِإِسْكَانِهَا وَلَا فَرْقَ، فَمَنْ أَوْجَبَ النَّفَقَةَ دُونَ السُّكْنَى فَقَدْ قَالَ بِلَا دَلِيلٍ، وَبَطَلَ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُنَا، أَوْ قَوْلُ مَنْ أَوْجَبَ لَهَا السُّكْنَى، وَالنَّفَقَةَ - إنْ كَانَتْ حَامِلًا - وَسَنُبَيِّنُ وَجْهَ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا - بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ إلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ يَسْأَلُهَا؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيِّ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، إذْ خَرَجَ إلَى الْيَمَنِ مَعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَنَّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، قَالَا: وَاَللَّهِ مَا لَهَا نَفَقَةٌ إلَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>