مِنْ قُرْآنٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ قَوْلِ أَحَدِ الصَّحَابَةِ، إلَّا ابْنَ عُمَرَ وَحْدَهُ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ وَسُقُوطِهِ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
فَلَمْ يَبْقَ لَنَا إلَّا قَوْلُنَا، وَقَوْلُ مَنْ وَجَّبَ لِلْمَبْتُوتَةِ السُّكْنَى، وَالنَّفَقَةَ؟ فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِهِمْ فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ شَيْئًا يَشْغَبُونَ بِهِ إلَّا الِاعْتِرَاضَ فِي خَبَرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَبَنَوْا أَنَّهُمْ إنْ سَقَطَ ذَلِكَ الْخَبَرُ كَانَتْ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَاتُ مَحْمُولَاتٍ عَلَى كُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَبْتُوتَةٍ، أَوْ غَيْرِ مَبْتُوتَةٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَاعْتَرَضُوا فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - نَعْنِي انْتِقَالَ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا.
وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ - وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ -: اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدْ الْمَرْأَةَ إلَى بَيْتِهَا؟ فَقَالَ مَرْوَانُ: أَوَ مَا بَلَغَك شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا نَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ.
وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ أَنَا مُحَمَّدٌ أَنَا غُنْدَرٌ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا لِفَاطِمَةَ؟ لَا تَتَّقِي اللَّهَ - تَعْنِي فِي قَوْلِهَا: لَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةَ -. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ أَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُرْوَةَ قَالَ لِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَلَمْ تَسْمَعِي فِي قَوْلِ فَاطِمَةَ؟ فَقَالَتْ: أَمَا إنَّهُ لَيْسَ لَهَا خَبَرٌ فِي ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقَاضِي أَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَا أَبِي عَنْ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَحْسَبُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: إنَّمَا أَخْرَجَك هَذَا - تَعْنِي اللِّسَانَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا هَذَا الْخَبَرُ فَسَاقِطٌ، لَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي إسْنَادِهِ كَمَا أَوْرَدْنَا - ثُمَّ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا لَمْ يَسْمَعْ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَطُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute