للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ بِأَنَّ لِلزَّوْجَاتِ النَّفَقَةَ، وَالْكِسْوَةَ بِنَصٍّ قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ فِي ذِكْرِنَا " حُكْمَ النَّفَقَاتِ ".

وَأَخَذْنَا حُكْمَ إرْضَاعِ الْمَبْتُوتَةِ، وَالْمُنْفَسِخَةِ النِّكَاحِ، وَاَلَّتِي يَلْحَقُ وَلَدُهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣] الْآيَاتُ كَمَا هِيَ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا فِي بَابِهِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.

فَهَذِهِ بَرَاهِينُ ضَرُورِيَّةٌ قَاطِعَةٌ لَا مَحِيدَ عَنْهَا -، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

فَسَقَطَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَأَمَّا مَا تَعَلَّقُوا بِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - فَإِنَّمَا هُمْ: عُمَرُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَهُمْ مُخَالِفُونَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ عَنْهُمَا أَنَّ لِلْمَبْتُوتَةِ النَّفَقَةَ - وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ، وَمِنْ الْبَاطِلِ: أَنْ يَحْتَجُّوا بِهِمَا فِي مَوْضِعٍ وَلَا يَرَوْنَهُمَا حُجَّةً فِي آخَرَ.

وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ -، وَمِنْ التَّابِعِينَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَنَفَرٌ مِنْهُمْ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، وَلَمْ يَذْكُرُوا السُّكْنَى - وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ.

فَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ - فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ: أَنَّ نَفَقَةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ - وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ، وَمِنْ الْبَاطِلِ: أَنْ يَكُونَ حُجَّةً حَيْثُ اشْتَهُوا، غَيْرَ حُجَّةٍ حَيْثُ لَا يَشْتَهُونَ.

وَأَمَّا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ - فَقَدْ خَالَفُوهَا فِي إخْرَاجِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَمِنْ الْبَاطِلِ: أَنْ تَكُونَ حُجَّةً فِي مَوْضِعٍ، وَغَيْرَ حُجَّةٍ فِي آخَرَ، وَلَمْ يَأْتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا.

وَالرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ سَاقِطَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى - وَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ - وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ أَيْضًا، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ: لَا نَفَقَةَ لَهَا.

وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَإِنَّمَا جَاءَ عَنْهُ إيجَابُ السُّكْنَى لِلْمَبْتُوتَةِ، وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ، وَلَا عَنْ عَائِشَةَ، وَلَا عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ - فَحَصَلَ قَوْلُهُمْ عَارِيًّا مِنْ الْبُرْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>