النَّاسَ وَأَهْلَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا مِنْ الْقَوْلِ بِإِمَامَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ أَقْصَى أَعْمَالِ إفْرِيقِيَّةَ إلَى أَقْصَى خُرَاسَانَ - حَاشَا أَهْلِ الْأُرْدُنِّ - لَكَانَ أَوْلَى بِهِ وَأَنْجَى لَهُ فِي آخِرَتِهِ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِيمَا ادَّعَى فِيهِ الْعِصْمَةَ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ قَالَ: فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كَمَا تَرَوْنَ فَتَأَمَّلُوا قَوْلَهُ «فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ» لَيْسَ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا مِنْ كَلَامِ فَاطِمَةَ؛ لِأَنَّ نَصَّهُ قَالَ: «فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ» فَصَحَّ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عُرْوَةَ - وَلَا يَخْلُو هَذَا الْخَبَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَسْمَعْهُ عُرْوَةُ مِنْ فَاطِمَةَ فَيَكُونُ مُرْسَلًا -:
وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ -: أَنَّهُ مَا خَبَّرَنَا بِهِ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِيثٍ قَالَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ أَنَا أَبِي أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَحَوَّلَ» فَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ أَصْلَ الْخَبَرِ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُنْقَطِعٍ، أَوْ يَكُونُ عُرْوَةُ سَمِعَهُ مِنْ فَاطِمَةَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّمَا آمُرُك بِالتَّحَوُّلِ مِنْ أَجْلِ خَوْفِك أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيْك - وَإِذْ لَمْ يَقُلْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَذَا فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ يَخَافُ النَّارَ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا أَمَرَهَا بِالتَّحَوُّلِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَدْ صَحَّ: مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ» : أَفَتَرَوْنَ النَّفَقَةَ سَقَطَتْ خَوْفَ الِاقْتِحَامِ عَلَيْهَا؟ هَذَا كُلُّهُ خَدْشٌ فِي الصَّفَا.
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «بَلْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ» يُغْنِي عَنْ هَذَا كُلِّهِ، وَعَنْ تَكَلُّفِ الظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَلَمْ يَبْقَ إلَّا إنْكَارُ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهَا، فَكَانَ مَاذَا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute