فَقَدْ وَافَقَهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَمَا الَّذِي جَعَلَ رَأْيَ عَائِشَةَ، وَعُمَرَ مِنْ رَأْيِ مَنْ ذَكَرْنَا؟ فَكَيْفَ وَلَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، إنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.
وَنَحْنُ نُعْلِنُ وَنَهْتِفُ وَنَصْرُحُ: أَنَّ رَأْيَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَا نَأْخُذُ بِهِ إذَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُهُ، وَلَا يَحِلُّ الْأَخْذُ بِرَأْيِهِمَا حِينَئِذٍ، وَلَا أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ عِنْدَهُمَا فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ كَتَمَاهَا، وَيُصَرِّحُوا هُمْ بِأَنْ يَقُولُوا: إنَّ رَأْيَ عُمَرَ، وَأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ مِمَّا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَرَوْا حَالَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.
وَلَيْتَ شِعْرِي - أَيْنَ كَانَ عَنْهُمْ هَذَا الِانْقِيَادُ لِأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، إذْ لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى قَوْلِهَا بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ، إذْ قَدْ نَسَبُوا إلَيْهَا مَا قَدْ بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ أَنَّهَا تُولِجُ حِجَابَ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي ضَرَبَهُ عَلَى نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وُلُوجُهُ فَهَذِهِ هِيَ الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَقْشَعِرُّ مِنْهَا جُلُودُ الْمُؤْمِنِينَ.
وَفِي إبَاحَتِهَا لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَعْتَدَّ حَيْثُ شَاءَتْ وَأَيْنَ كَانُوا مِنْ هَذِهِ الطَّاعَةِ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذْ خَالَفُوهُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَجَعَلُوهُ يُفْتِي بِالصَّلَاةِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ؟
وَمَا قَدْ جَمَعْنَاهُ عَلَيْهِمْ مِمَّا قَدْ خَالَفُوهُمَا فِيهِ فِي كِتَابٍ أَفْرَدْنَاهُ لِذَلِكَ، إذَا تَأَمَّلَهُ الْمُتَأَمِّلُ رَآهُمْ كَأَنَّهُمْ مُغْرَمُونَ بِخِلَافِ الصَّاحِبِ فِيمَا وَافَقَ فِيهِ السُّنَّةَ، وَتَقْلِيدُهُ فِي رَأْيٍ وَهِمَ فِيهِ أَبَدًا، وَلَكِنْ مَنْ لَمْ يَعُدَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ كَثُرَ كَلَامُهُ بِالْبَاطِلِ - وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
فَصَحَّ خَبَرُ فَاطِمَةَ كَالشَّمْسِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ الْمُبَايِعَاتِ الْأُوَلِ:
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ [أَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ التَّنُّورِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute