قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَا يَجِبُ فِي الْبِكْرِ اسْتِبْرَاءٌ أَصْلًا، فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي، أَوْ الَّذِي انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ، أَوْ الَّذِي تَزَوَّجَهَا حَمْلٌ بَقِيَتْ بِحَسَبِهَا حَتَّى تَضَعَ، أَوْ حَتَّى تُوقِنَ بِأَنَّ الْحَمْلَ كَانَ قَبْلَ انْتِقَالِ مِلْكِهَا إلَيْهِ، فَإِنْ تَيَقَّنَ بِذَلِكَ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَالْهِبَةُ، وَالْإِصْدَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَرُدَّتْ إلَى الَّذِي كَانَتْ لَهُ، فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ أَمَةٌ: أُمِرَ بِأَنْ لَا يَطَأَهَا حَتَّى تَضَعَ وَلَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ، لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي " كِتَابِ النِّكَاحِ " مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا.
وَجُمْلَتُهُ: أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَى أَمَةٍ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةٍ فَنِكَاحُهَا جَائِزٌ، فَإِنْ لَمْ يُوقِنْ ذَلِكَ حَتَّى تَضَعَ -: نُظِرَ - فَإِنْ كَانَ وَضْعُهَا لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ أَنْكَرَ الْأَوَّلُ وَطْأَهَا، أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَيْثُ وَطِئَهَا الثَّانِي: فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ بِلَا شَكٍّ.
إنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ بِطِرْفَةِ عَيْنٍ مِنْ حِينِ وَطِئَهَا الثَّانِي: فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي بِلَا شَكٍّ.
فَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ أَمْكَنَ الْأَوَّلُ وَطْأَهَا، وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ وَطِئَهَا الثَّانِي: فَهُوَ غَيْرُ لَاحِقٍ بِالْأَوَّلِ وَلَا بِالثَّانِي، وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلثَّانِي إنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً، إلَّا أَنَّهَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ، لِمَا ذَكَرْنَا فِي " كِتَابِ الْعِتْقِ ".
فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ أَمْكَنَ الْأَوَّلُ وَطْأَهَا، وَلِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ وَطِئَهَا الثَّانِي: فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَا بُدَّ، لِأَنَّ فِرَاشَهُ كَانَ قَبْلَ فِرَاشِ الثَّانِي، فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا بِنَصٍّ، أَوْ يَقِينٍ مِنْ ضَرُورَةِ مُشَاهَدَةٍ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ» .
فَإِذْ لَا شَكَّ فِي هَذَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْطَلَ الْفِرَاشُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الْمُتَيَقَّنُ وَيَصِحُّ فِرَاشٌ ثَانٍ بِظَنٍّ، لَكِنْ بِيَقِينٍ لَا مَجَالَ لِلشَّكِّ فِيهِ.
فَإِنْ تَيَقَّنَ بِضُؤُولَةِ خِلْقَتِهِ أَنَّهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ ثَمَانِيَةٍ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ قَدْ اسْتَوْفَتْهَا عِنْدَ الثَّانِي وَتَيَقَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَوَّلِ، فَهُوَ لِلثَّانِي بِلَا شَكٍّ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَمْلٌ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَلَا أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute