أَنَّهُ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ» .
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ طَاوُسٍ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَادِيًا فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ: «لَا يَقَعَنَّ رَجُلٌ عَلَى حَامِلٍ، وَلَا عَلَى حَائِلٍ حَتَّى تَحِيضَ» .
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ الشَّعْبِيِّ «أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يَقَعُوا عَلَى حَامِلٍ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرِ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» لَا نَعْلَمُ وَرَدَ فِي هَذَا غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ حَدِيثُ طَاوُسٍ، وَالشَّعْبِيُّ: مُرْسَلَانِ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ - وَخَبَرُ أَبِي الْوَدَّاكِ - سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ أَبِي الْوَدَّاكِ وَشَرِيكًا ضَعِيفَانِ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ حُجَّةً عَلَى مَنْ احْتَجَّ بِهَا؛ لِأَنَّ فِيهَا الْمَنْعَ مِنْ وَطْءِ الَّتِي لَيْسَتْ حَامِلًا حَتَّى تَحِيضَ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا بَلْ يَحُدُّونَ حُدُودًا لَيْسَتْ فِي هَذِهِ الْآثَارِ، وَمِنْ الْكَبَائِرِ مُخَالَفَةُ أَثَرٍ يَحْتَجُّ بِهِ الْمَرْءُ وَيُصَحِّحُهُ.
وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي عَلْقَمَةَ فَهُوَ الَّذِي لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُهُ، فَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَصْلًا، لَا بِنَصٍّ وَلَا بِدَلِيلٍ فِيهِ إبَاحَةُ وَطْءِ الْمُحْصَنَاتِ إذَا مَلَكْنَاهُنَّ فَقَطْ - فَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ.
وَأَمَّا الَّذِي فِي آخَرَ - أَيْ فَهِيَ لَكُمْ حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ؟ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْلَى مَرَاتِبِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ أَبِي سَعِيدٍ - وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَبَدًا لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute