لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ " إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ " وَالْعِدَّةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي الدِّينِ لَيْسَتْ إلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فِي الْوَفَاةِ، وَثَلَاثَةُ قُرُوءٍ لِلَّتِي تَحِيضُ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ، أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ أَوْ لَا تَحِيضُ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ، أَوْ وَضْعُ الْحَمْلِ لِمُطَلَّقَةٍ، أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا - وَلَا مَزِيدَ - وَهُمْ هَاهُنَا جَعَلُوا الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ؟ وَلَيْسَ هَذَا عِدَّةً - فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُتَعَلَّقٌ فِيهِ أَصْلًا.
وَأَمَّا مَالِكٌ - فَإِنَّهُ رَأَى الِاسْتِبْرَاءَ بِالْمُوَاضَعَةِ فِي عِلِّيَّةِ الرَّقِيقِ وَلَمْ يَرَهَا فِي الْوَخْشِ وَلَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي ذَلِكَ - وَرَأَى نَفَقَتَهَا مُدَّةَ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى الْبَائِعِ.
وَرَأَى مَا حَدَثَ فِيهَا مُدَّةَ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى الْبَائِعِ، وَرَأَى الْمُوَاضَعَةَ فِي الْبِكْرِ - وَلَمْ يَرَ مَعَ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْمُوَاضَعَةَ تُبْرِئُ مِنْ الْحَمْلِ - وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لَا تُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْمُنَاقَضَةِ وَالْفَسَادِ.
وَأَوَّلُ ذَلِكَ - إيجَابُهُ فَرْضًا شَرْطَ الْمُوَاضَعَةِ، وَهُوَ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَبْطَلَ شَرْطَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَهُوَ حَقٌّ لِلْبَائِعِ مَأْمُورٌ فِي الْقُرْآنِ بِإِيفَائِهِ إيَّاهُ إذْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [الأعراف: ٨٥] وقَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] .
وَثَانِيهَا - فَرَّقَهُ بِتَفْرِيقِهِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِيَةِ وَالْوَخْشِ وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا؟ أَتَرَاهُمْ يَجْهَلُونَ أَنَّ الْوَخْشَ يَحْمِلُ كَمَا تَحْمِلُ الْعَالِيَةُ وَلَا فَرْقَ.
وَثَالِثُهَا - إيجَابُهُ النَّفَقَةَ عَلَى الْبَائِعِ وَهَذَا أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ صَحَّ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ أَوْ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ كَانَ صَحَّ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ فَأَيُّ شَيْءٍ يُوجِبُ النَّفَقَةَ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى أَمَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَصِحَّ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ فَلِأَيِّ مَعْنًى أَوْجَبَ الْمُوَاضَعَةَ.
فَإِنْ قَالُوا: بِمَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَبَطَلَ الْبَيْعُ؟ قُلْنَا: هَذَا لَا يُؤْمَنُ مِنْ عِنْدَكُمْ بَعْدَ الْحَيْضَةِ فِي الْمُوَاضَعَةِ فَأَوْجَبُوا فِي ذَلِكَ نَفَقَتَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute