للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَطْ؛ لِأَنَّهُمْ إخْوَةٌ كُلُّهُمْ، فَاسِقُهُمْ وَصَالِحُهُمْ، عَبْدُهُمْ وَحُرُّهُمْ، وَلَيْسَ أَهْلُ الذِّمَّةِ إخْوَةً لَنَا - وَلَا كَرَامَةَ لَهُمْ.

وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا لِكَافِرٍ، وَاَللَّهِ مَا جَعَلَ تَعَالَى لَهُمْ قَطُّ - بِحُكْمِ دِينِهِ - سُلْطَانًا، بَلْ جَعَلَ لَهُمْ الصَّغَارَ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] .

فَإِنْ قَالُوا: فَإِذْ لَا يُسَاوُونَنَا فَلِمَ قَتَلْتُمْ الْكَافِرَ بِالْمُؤْمِنِ؟ قُلْنَا: وَلَا كَرَامَةَ أَنْ نَقْتُلَهُ بِهِ قَوَدًا، بَلْ قَتَلْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ نَقَضَ الذِّمَّةَ، وَخَالَفَ الْعَهْدَ بِخُرُوجِهِ عَنْ الصَّغَارِ، وَكَذَلِكَ نَقْتُلُهُ إنْ لَطَمَ مُسْلِمًا أَوْ سَبَّهُ، وَنَسْتَفِيءُ جَمِيعَ مَالِهِ بِذَلِكَ، وَنَسْبِي أَهْلَهُ وَصِغَارَ وَلَدِهِ.

فَإِنْ قَالُوا: فَلِمَ تَحْكُمُونَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِرَدِّ مَا غَصَبَهُ مِنْ الذِّمِّيِّ أَوْ مَنَعَهُ إيَّاهُ مِنْ الْمَالِ؟ قُلْنَا: لَيْسَ فِي هَذَا سَبِيلٌ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، إنَّمَا هِيَ مَظْلَمَةٌ يَبْرَأُ مِنْهَا الْمُسْلِمُ تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ حَبْسِهَا فَقَطْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيُوَضِّحُ هَذَا غَايَةَ الْوُضُوحِ -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ قَالَ: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ «عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَآخَرُ - ذَكَرَهُ - إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقُلْنَا: هَلْ عَهِدَ إلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدًا لَمْ يَعْهَدْهُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: لَا، إلَّا مَا فِي كِتَابِي هَذَا، فَإِذَا فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» .

أَنَا حِمَامُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حِمَامٍ الْقَاضِي أَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>