للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِرْهَمٍ -: وَإِنْ كَانَ قَتْلُهَا لَهُ عَمْدًا، فَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ لَا دِيَةَ فِي الْعَمْدِ، إنَّمَا هُوَ الْقَوَدُ، أَوْ الْعَفْوُ، أَوْ مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ تُرَاضِ مَعَ عَصَبَةِ الْجِنِّيِّ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ: فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لِلدِّيَةِ هَاهُنَا مَدْخَلٌ، وَإِنَّمَا هِيَ أَحْلَامُ نَائِمٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تُشَرَّعَ بِهَا الشَّرَائِعُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ - فَصَحَّ: أَنَّهَا صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ مِنْهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَقَطْ، لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلًا.

وَمَوَّهُوا بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ أَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ - وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدِّيَةُ ثَمَانُمِائَةِ دِينَارٍ، فَخَشِيَ عُمَرُ مَنْ بَعْدَهُ فَجَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَلْفَ دِينَارٍ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ تَعَالَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنْ يُبَدِّلَ مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُسْتَقِرُّ الْحُكْمِ، ثُمَّ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَيْهِ.

وَأَحْمَقُ الْحُمْقِ قَوْلُ مَنْ وَضَعَ هَذَا الْخَبَرَ " فَخَشِيَ عُمَرُ مَنْ بَعْدَهُ فَجَعَلَهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ " لَيْتَ شِعْرِي مَاذَا خَشِيَ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَكَيْفَ خَشِيَ مَنْ بَعْدَهُ إنْ تَرَكَ الدِّيَةَ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَمْ يَخْشَ مَنْ بَعْدَهُ إذْ بَلَغَهَا أَلْفَ دِينَارٍ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا؟ هَلْ فِي النُّوكِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ؟ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، لَقَدْ كِيدَتْ مِلَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَيَأْبَى اللَّهُ إلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ.

وَتَاللَّهِ لَوْ جَازَ لِعُمَرَ أَنْ يَزِيدَ فِيمَا مَضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ لَتُجَوِّزَنَّ لِمَنْ بَعْدَ عُمَرَ الزِّيَادَةَ عَلَى فِعْلِ عُمَرَ قَطْعًا، بَلْ الزِّيَادَةُ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ أَخَفُّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُكْمِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ - وَنَحْنُ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الضَّلَالَةِ، وَهَذَا عَيْبُ الْمُرْسَلِ، فَتَأَمَّلُوهُ؟ .

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>