بَطَلَتْ ذِمَّتُهُ، وَعَادَ حَرْبِيًّا، وَقُتِلَ وَلَا بُدَّ، وَاسْتُفِيءَ مَالُهُ فَكَيْفَ تَقُولُونَ فِيمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ نا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ نا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: ثني أَبُو لَيْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَوْ فَقِيرٍ فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاَللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ؟ قَالُوا: وَاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُحَيَّصَةَ: كَبِّرْ كَبِّرْ - يُرِيدُ السِّنَّ - فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ» وَذُكِرَ بَاقِي الْخَبَرِ فَهَذَا قَتْلُ كَافِرٍ لِمُؤْمِنٍ وَفِيهِ الدِّيَةُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَجَوَابُنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - إنَّنَا عَلَى يَقِينٍ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُلْزِمُ أَحَدًا دِيَةً إلَّا قَاتِلًا عَمْدًا، أَوْ عَاقِلَةَ قَاتِلِ خَطَأٍ أَوْ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، فَإِلْزَامُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْيَهُودَ الدِّيَةَ لَا يَخْلُو بِيَقِينٍ لَا إشْكَالَ فِيهِ مَعَ أَحَدِ وَجْهَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا: إمَّا أَنْ يَكُونُوا قَاتِلِي عَمْدٍ، أَوْ إمَّا أَنْ يَكُونُوا عَاقِلَةَ قَاتِلِي خَطَأٍ - هَذَا مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سِوَاهُ، فَوَجَبَ أَنْ يُنْظَرَ أَيُّ الْوَجْهَيْنِ هُوَ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْمَكَانِ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا حُكْمَ قَاتِلِ الْعَمْدِ بَيَانٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمُهُ عِنْدَ غَيْرِنَا الْقَوَدُ، أَوْ الْعَفْوُ فَقَطْ، أَوْ مَا تَصَالَحُوا بِهِ، وَحُكْمُهُ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْضًا بِتَخْيِيرِ الْوَلِيِّ بَيْنَ الْقَوَدِ، أَوْ الْعَفْوِ، أَوْ الدِّيَةِ، وَحُكْمُهُ عِنْدَنَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْقَوَدِ، أَوْ الْعَفْوِ، أَوْ الدِّيَةِ، أَوْ مَا تَصَالَحُوا عَلَيْهِ، فَالْقَوَدُ عَلَى كُلِّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ حُكْمُ قَتْلِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ - بِلَا خِلَافٍ فِيهِ - فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَحُكْمُ قَاتِلِ الْخَطَأِ الدِّيَةُ، أَوْ الْعَفْوُ عَنْهَا فَقَطْ.
فَلَمَّا وَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَذْكُرْ قَوَدًا أَصْلًا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُغْفِلَ حَقًّا لِلْحَارِثِيَّيْنِ إلَّا وَيَذْكُرَهُ لَهُمْ، وَلَا يَسْكُتَ عَنْهُ، فَيَبْطُلَ حَقُّهُمْ؟ عَلِمْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute