فَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى نَصًّا لَا خَفَاءَ بِهِ: أَنَّ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلِ، ثُمَّ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ، فَوَاجِبٌ عَلَى الْوَلِيِّ الْعَافِي أَنْ يَتْبَعَ الْقَاتِلَ الْمَعْفُوَّ عَنْهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْقَاتِلِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا عُفِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ بِإِحْسَانٍ وَلَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ الضَّرْبُ بِالسِّيَاطِ، وَالنَّفْيُ عَنْ الْأَوْطَانِ سَنَةً.
وَوَجَدْنَاهُمْ أَيْضًا - يَذْكُرُونَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ»
فَصَحَّ أَنَّ بَشَرَةَ الْقَاتِلِ مُحَرَّمَةٌ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَحِلُّ جَلْدُهُ، وَلَا نَفْيُهُ؛ إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا دَلِيلٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ أَصْلًا
وَذَكَرُوا - مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ نا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ نا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ نا هُشَيْمٌ نا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَجُلٍ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا فَأَقَادَ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ مِنْهُ، فَانْطَلَقَ بِهِ وَفِي عُنُقِهِ نِسْعَةٌ يَجُرُّهَا، فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» فَأَتَى رَجُلٌ إلَى الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ مَقَالَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَلَّى عَنْهُ - قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ. فَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَشْوَعَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا سَأَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ فَأَبَى:» نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ وَجَامِعِ بْنِ مَطَرٍ الْحَبَطِيِّ قَالَ عَوْفٌ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ الْعَائِذِيُّ أَبُو عُمَرَ، ثُمَّ اتَّفَقَ جَامِعٌ، وَحَمْزَةُ، كِلَاهُمَا عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عَنْ وَائِلٍ قَالَ: «شَهِدْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ جِيءَ بِالْقَاتِلِ يَقُودُهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ فِي نِسْعَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَتَعْفُو عَنْهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ لَهُ: أَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَتَقْتُلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اذْهَبْ بِهِ. فَلَمَّا تَوَلَّى مِنْ عِنْدِهِ دَعَاهُ قَالَ لَهُ: أَتَعْفُو عَنْهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ لَهُ: فَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَتَقْتُلُهُ؟ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute