للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا - كَمَا ذَكَرْنَا - وَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ؛ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ فَنَتْبَعَهُ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] ، وَقَالَ تَعَالَى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠] ، وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] الْآيَةَ.

وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا حُمَامٌ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ نا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ «أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ دَعَا قَوْمَهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَمَاتَ فَعَفَا عَنْهُ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَازَ عَفْوَهُ، وَقَالَ: هُوَ كَصَاحِبِ يَاسِينَ» .

نا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ نا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ نا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا عِمْرَانُ بْنُ ظَبْيَانَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِدَمٍ فَمَا دُونَهُ كَانَ كَفَّارَةً لَهُ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إلَى يَوْمِ تَصَدَّقَ بِهِ» .

قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالُوا: هَذَا حُكْمُ ابْنِ عُمَرَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ - وَقَالُوا: هَذَا هُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى بِنَفْسٍ.

فَهَذَا كُلُّ مَا أَوْرَدُوهُ فِي ذَلِكَ؟ فَنَظَرْنَا فِي الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ، فَوَجَدْنَاهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَصْلًا.

أَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] فَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى ذَلِكَ عَقِبَ قَوْله تَعَالَى {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: ٤٥] إلَى قَوْله تَعَالَى {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] ، وَهَذَا كُلُّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ بَعْدَ تَمَامِ قَوْله تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] فَإِنَّمَا جَاءَ نَصُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْجُرُوحِ بِالْأَعْضَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>